كيف تؤثر سلوكيات المستهلك على الأسعار؟ يظل ذلك واحدًا من التساؤلات التي يسعى منفذو استراتيجيات التسعير للإجابة عنها، إذ تلعب تفضيلات المستهلكين دورًا محوريًا في تحديد أسعار السلع والخدمات، فقرارات الشراء، والتفضيلات، ومدى الحساسية تجاه الأسعار، كلها عناصر تشكل الطلب على أي منتج أو خدمة متاح في السوق، مما يدفع الشركات إلى تعديل أسعارها وفقًا لهذه التغيرات، الأمر الذي يفرض ضرورة فهم سلوكيات المستهلكين من أجل تحسين استراتيجيات التسعير، فضلًا عن دور تلك السلوكيات في نجاح أو فشل المنتج في السوق، لذا نوضح في هذا المقال كيف تلعب سلوكيات المستهلك دورًا محوريًا في تشكيل الأسعار.
في البداية، يجدر التنويه إلى أن سلوكيات المستهلك هي الأفعال والقرارات التي يتخذها المستهلك عند اختيار وشراء المنتج أو الخدمة ثم استخدامها والتخلص منها، وهناك عوامل قد يتأثر بها المستهلك خلال تلك العمليات مثل الآراء والقيم الشخصية، والعادات الاجتماعية، والحملات التسويقية، وميزات المنتج، والظروف البيئية، وكذلك سعر المنتج، لذا يُعد فهم سلوك المستهلك أمرًا ضروريًا للشركات حتى تتمكن من تسعير منتجاتها بكفاءة، نظرًا لتأثير سلوكيات المستهلك على الجوانب التالية:
1- حساسية السعر
تشير حساسية السعر إلى كيفية تفاعل المستهلكين مع التغيرات في الأسعار، فهناك بعض المستهلكين لديهم حساسية عالية تجاه الأسعار، ودومًا ما يبحثون عن أفضل العروض والمنتجات التي تُباع بأسعار أرخص من غيرها من المنتجات المماثلة في القيمة أو الجودة، وفي ذات الوقت، هناك عملاء آخرون أقل حساسية تجاه السعر، أي لا يضعونه أولوية عند شراء المنتج أو الخدمة، ويفضلون عوامل أخرى مثل الجودة أو اسم العلامة التجارية.
وبالتالي، يُعد هذا العامل من العوامل الحاسمة في قيام الشركات بتطوير استراتيجيات تسعير مخصصة تتماشى مع تفضيلات وسلوكيات كل مجموعة من العملاء.
2- التسعير المرجعي
من العوامل التي تؤخذ في الاعتبار عند تصميم استراتيجيات تسعير مناسبة، قيام المستهلك بتقييم سعر المنتج لمعرفة ما إذا كان يناسب قيمته وجودته أم لا، مستخدمًا في ذلك الأسعار المرجعية، تلك الاستراتيجية التي يستند فيها إلى أسعار المنافسين، أو تجارب شراء سابقة، أو الأسعار المُقترحة من قِبل الشركات، وبالتالي تستفيد استراتيجيات التسعير من هذا السلوك من خلال تقنيات مثل "التثبيت السعري"، إذ يتم عرض المنتج ذو السعر المرتفع أولًا، حتى يبدو المنتج الأقل سعرًا أكثر قبولًا وقيمة بالنسبة للمستهلك عندما يقارن الإثنين معًا.
3- العلاقة بين السعر والجودة
تتأثر كيفية استخدام استراتيجيات التسعير بسلوك المستهلك عند تشكيل الانطباع عن جودة المنتج أو الخدمة، إذ دومًا ما يخلق المستهلك علاقة بين الأسعار المرتفعة والجودة العالية، ويفترض أن ارتفاع سعر المنتج دليلًا على جودته، عكس المنتج ذو السعر الأقل الذي يكون وفقًا لهذا المعتقد منخفض الجودة، وبالتالي تستفاد الشركات من هذا التصور من خلال تسعير منتجاتها أو خدماتها بأسلوب يعكس تميزها وفخامة منتجاتها، مع مراعاة الوفاء بمستوى الجودة المتوقع حفاظًا على ثقة عملائها وولائهم لها.
4- المرونة السعرية
تشير المرونة السعرية للطلب إلى مدى حساسية شراء المستهلكين تجاه تغيرات الأسعار، إذ يُعد هذا المفهوم ضروريًا عند تحديد السعر الأمثل للمنتجات أو الخدمات نظرًا لما يلي:
- إذا كان المستهلك حساسًا لتغير السعر أي مرن؛ فإن ارتفاع أسعار المنتجات يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها، وهو ما يضطر الشركة إلى الإبقاء على الأسعار المنخفضة لضمان بيع المنتجات.
- أما إذا كان المستهلك غير حساس لتغير السعر أي غير مرن؛ تستطيع الشركة رفع الأسعار دون الخوف من انخفاض المبيعات، وهو ما ينطبق على المنتجات الضرورية أو العلامات التجارية ذات السمعة القوية.
ومن خلال فهم مرونة الطلب على المنتجات، يمكن للشركات تحديد الأسعار التي تعظم الإيرادات والأرباح.
5- القيمة المُدركة
تتأثر قرارات الشراء لدى شريحة كبيرة من المستهلكين بالقيمة المُدركة، إذ يفضل البعض شراء المنتج حتى وإن كان أغلى من منتجات المنافسين فقط لأنه يقدم قيمة أعلى، تلك القيمة التي تتأثر بعوامل مثل سمعة العلامة التجارية، وجودة المنتج، والميزات الفريدة التي يقدمها.
وتعمل الشركات على الاستفادة من ذلك من خلال إبراز القيمة المضافة التي تقدمها منتجاتها، والتميّز عن المنافسين.
6- التسعير التنافسي
يشير التسعير التنافسي إلى الطريقة التي تعتمد عليها الشركات في تحديد أسعار منتجاتها وخدماتها بناءً على ما يقدمه المنافسون من منتجات أو خدمات مشابهة، وهو التسعير الذي يتأثر به سلوك المستهلك، هذا السلوك الذي يحدد كيفية تشكيل استراتيجيات التسعير.
فإذا شعر المستهلك أن المنتج يُقدم بسعر مبالغ فيه؛ فقد يلجأ إلى منتج آخر من شركة منافسة لأنه يوفر قيمة أفضل بسعر أقل، وعلى العكس، إذا رأى أن المنتج منخفض السعر بشكل كبير؛ فقد يشكك في قيمته أو جودته، الأمر الذي يفرض على الشركات تحليل سلوك المستهلك بعناية لتحديد استراتيجية التسعير المثلى التي تتماشى مع ظروف المنافسة في السوق.
7- ردود فعل المستهلك على الأسعار
تلعب ردود أفعال المستهلكين على أسعار المنتجات والخدمات دورًا بالغ الأهمية في تشكيل استراتيجيات التسعير أو إعادة النظر فيها، ففي عالم اليوم الرقمي؛ أصبح لدى المستهلك أكثر من طريقة لتقديم ملاحظاته حول الأسعار، مثل تقييمات العملاء عبر الإنترنت وتعليقات وسائل التواصل الاجتماعي التي تفحصها الشركات لمعرفة كيف ينظر العملاء إلى أسعارها، وفي حال تكرار الشكوى من ارتفاع سعر المنتج وعدم تقديم القيمة أو الجودة المطلوبة؛ تقوم الشركة بإعادة تقييم هيكل التسعير، أو تختار تحسين جودة المنتج ليتوافق وسعره المُعلن.
8- تفضيلات المستهلك
من الإجراءات التي تنفذها الشركات عند صياغة استراتيجيات تسعير مناسبة، دراسة سلوك المستهلك من أجل معرفة تفضيلاته ومن ثم صياغة استراتيجية التسعير بناءً على ذلك، إذ تقوم بدراسة بيانات الشراء السابقة، وسجل التصفح، أو المعلومات الديموغرافية، ومن ثم تقدم خصومات أو عروض موجهة لفئات معينة من العملاء، مما يعزز من ولاء العملاء، ويزيد من عمليات الشراء المتكررة.
9- العرض والطلب
يؤثر سلوك المستهلك بشكل مباشر على الطلب على المنتج أو الخدمة، إذ أنه إذا زاد الطلب على منتج ما، فإن سعر ذلك المنتج يرتفع أيضًا لأن الشركات تستفيد من هذه الفرصة لزيادة أرباحها، وعلى العكس، إذا انخفض الطلب على المنتج سبب تغير تفضيلات المستهلكين أو وجود بدائل أفضل، تضطر الشركات إلى تخفيض سعر المنتجات لجذب المستهلكين والحفاظ على مستوى معين من المبيعات.
10- العوامل النفسية والتسويقية
من سلوكيات المستهلك التي تؤثر على السعر الذي تضعه الشركة للمنتج أو الخدمة، استجابته للأساليب التسويقية التي تنتهجها الشركة، مثل كيفية تقديم المنتج، والعروض الترويجية، والتسعير النفسي، مثل استراتيجية تسعير المنتج ليصبح 9.99 بدلاً من 10، فعلى الرغم من أن الفرق قد يبدو بسيطًا؛ إلا أنه يمكن أن يؤثر بشكل كبير على سلوك المستهلك الذي ينظر إلى الأسعار التي تنتهي بـ "9" على أنها أقل بكثير من الأسعار التي تنتهي بـ "0"، وبالتالي يرى أن تلك المنتجات التي تُقدم بهذا الخصم هي أكثر توفيرًا، ومن ثم تتبع الشركات تلك الاستراتيجية لأنها فعالة بشكل خاص مع المستهلكين الحساسين للسعر.
11- مستوى دخل المستهلك
هناك علاقة مباشرة مباشرة بين مستوى دخل المستهلك وقرارات الشراء التي يتخذها، إذ أن زيادة الدخل قد يؤدي إلى زيادة الطلب على شراء السلع باهظة الثمن، وبالتالي لا تجد الشركات حرجًا من رفع أسعار منتجاتها لأنها ترى أن المستوى المادي للعملاء المُستهدفين يسمح بذلك، والعكس صحيح، إذا ارتفع سعر منتج ما؛ وكان مستوى دخل المستهلك منخفضًا؛ قد يستبدله المستهلك ببديل أرخص، مما قد يؤدي إلى قيام الشركات بخفض سعر المنتج الأصلي للحفاظ على عملائها.
12- هيكل السوق
تحدد هياكل السوق، مثل المنافسة الكاملة، والمنافسة الاحتكارية، كيفية تأثير سلوك المستهلك على التسعير، ففي الأسواق التي تشهد وجود الكثير من البائعين المتنافسين، تتعدد الخيارات أمام المستهلك، مما يزيد من حرص المتنافسين على تقديم المنتجات بأسعار تنافسية لجذب العملاء، عكس الأسواق الاحتكارية التي تسمح للبائع الواحد بتحديد السعر، مما يؤدي غالبًا إلى أسعار أعلى بغض النظر عن طلب المستهلكين.
اقتنص أفضل الكفاءات وأصحاب المواهب مع صبّار
إذا كنت تطمح لبناء فريق عمل قوي يمتلك المهارة المطلوبة لتشغيل شركتك بنجاح، نحن في صبّار للتوظيف نوفر لك فرق عمل جاهزة ومؤهلة في جميع التخصصات التي تناسب احتياجات شركتك وطبيعة نشاطك.
على منصة صبّار ستجد آلاف السير الذاتية لأفضل المرشحين والمرشحات في المملكة، المؤهلين للعمل الفوري وفقًا لمتطلبات عملك، بدوام كامل أو جزئي، من المقر أو عن بُعد، فقط تواصل معنا وانشر إعلانك الوظيفي وانتظر قائمة بأفضل المتقدمين المنتقاة بواسطة الذكاء الاصطناعي، لضمان توظيف دقيق وسريع.

الخاتمة:
سلوك المستهلك يلعب دورًا رئيسيًا في تحديد استراتيجيات التسعير التي تعتمدها الشركات، فهو يعكس القرارات والتصرفات التي يقوم بها الفرد عند اختيار وشراء واستخدام المنتج أو الخدمة. تؤثر عدة عوامل في هذا السلوك، مثل القيم الشخصية، العادات الاجتماعية، الحملات التسويقية، وخصوصًا السعر نفسه. فحساسية المستهلك للسعر تختلف بين فئات العملاء، حيث يبحث البعض عن أقل الأسعار بينما يفضل آخرون الجودة أو العلامة التجارية بغض النظر عن السعر. كما أن إدراك المستهلك لعلاقة السعر بالجودة يشكل عاملًا مهمًا، حيث يُنظر للسعر المرتفع غالبًا كدليل على جودة عالية، وهذا ما تستغله الشركات في تسعير منتجاتها الفاخرة. إضافة لذلك، تلعب مرونة الطلب دورًا حيويًا في تحديد كيف يستجيب المستهلكون لتغيرات الأسعار، مما يساعد الشركات على تحديد السعر الأمثل لتحقيق أكبر ربح ممكن.
بالإضافة إلى ذلك، تعتمد الشركات على فهم عميق لتفضيلات المستهلكين وردود أفعالهم على الأسعار عبر قنوات التواصل المختلفة لتكييف استراتيجيات التسعير. كما أن دراسة العرض والطلب وتأثير المنافسة في السوق تساعد في ضبط الأسعار بشكل يناسب ظروف السوق ويجذب العملاء. تشمل العوامل المؤثرة أيضًا التسعير النفسي، حيث تؤثر أرقام مثل 9.99 في تحفيز المستهلكين على الشراء، ومستوى دخل المستهلك الذي يحدد مدى قدرته على شراء منتجات بأسعار معينة. كذلك، هيكل السوق سواء كان تنافسيًا أو احتكاريًا يلعب دورًا في تحديد مدى حرية الشركات في تسعير منتجاتها بناءً على سلوك العملاء والطلب المتوقع. بذلك، يصبح فهم سلوك المستهلك من الأساسيات التي تساعد الشركات على صياغة استراتيجيات تسعير فعالة تناسب احتياجات السوق المختلفة.