إدارة المخاطر المالية وتنفيذها على النحو الأمثل يجنب المؤسسات تكبد خسائر مالية فادحة تؤثر على استمرارها، إذ تُعد إدارة المخاطر المالية وظيفة من وظائف إدارة المخاطر المؤسسية، فهي تركز في الأساس على حماية الموارد المالية للمؤسسة والحد من حدوث أي خسائر، من خلال تنفيذ أفضل الاستراتيجيات للتعامل مع أكثر المخاطر المالية شيوعًا، وتقليل أو إزالة احتمال حدوث هذه المخاطر أو تأثيرها، مما يساهم في الحفاظ على استقرار العمليات المالية بالمؤسسات، وفي هذا المقال نوضح تعريف إدارة المخاطر المالية واستراتيجياتها وخطواتها.
إدارة المخاطر المالية:
تشير إدارة المخاطر المالية إلى مجموعة الخطوات التي تنفذها المؤسسات لتحديد المخاطر المالية المحتملة التي قد تؤثر على ربحيتها واستقرارها، وتقييم شدتها، وتحديد كيفية إدارتها، إذ تتعدد المخاطر التي قد تواجهها المؤسسات ما بين تقلبات السوق، نقص السيولة، تحركات أسعار الفائدة، حالات التخلف عن السداد، الأعطال التنظيمية، والخسائر المالية غير المتوقعة، وبالتالي فإن الاستعداد جيدًا لتلك المخاطر يحمي المؤسسات من الخسائر، ويساعد على تحسين أدائها المالي، والحفاظ على ميزتها التنافسية.
تنطوي جميع الاستثمارات على مستوى معين من المخاطر المالية، الأمر الذي يفرض على إدارة المؤسسات فهم جميع المخاطر التي تواجهها بعناية والتنقل بينها بحذر، ودراسة العمليات والإجراءات المقرر اتخاذها بدقة، لضمان تركيز استراتيجيات إدارة المخاطر على المجالات التي سيكون لها أكبر تأثير.
تستخدم المؤسسات بمختلف أحجامها وصناعتها أساليب إدارة المخاطر التي تمكنها من المقارنة بين المخاطر والعوائد في الإدارة المالية، وتساعد على وجود خطة تعزز من قدرة المؤسسات على اتخاذ قرارات مالية مستنيرة مع تقليل درجة عدم اليقين، وبالتالي تحمي نفسها من الخسائر التي تؤثر على صحتها المالية، وتحمي أصولها واستثماراتها وتضمن دعم النمو والاستدامة على المدى الطويل.
اقرأ أيضًا: المخاطر في بيئة العمل وأنواعها وكيفية تقييمها
استراتيجيات إدارة المخاطر المالية:
هناك مجموعة من الاستراتيجيات المحددة التي تعتمد عليها الإدارة المالية للمؤسسات في مواجهة مختلف التهديدات المالية، لضمان الاستقرار والربحية على المدى الطويل، تشمل تلك الاستراتيجيات ما يلي:
1- تجنب المخاطر
يُعد تجنب المخاطر هي الاستراتيجية الأكثر شيوعًا في إدارة المخاطر المالية، فمن خلالها تتفادى المؤسسات الخسائر المالية عن طريق دراسة المخاطر المحتملة قبل اتخاذ القرارات المالية واستبعاد التي تضر بعمليات المؤسسة، مثل التعامل مع العملاء ذوي المخاطر العالية، أو الاستثمار في الأسواق غير المستقرة، أو الاعتماد على مصدر واحد للدخل، أو التعاون مع موردين لا يلتزمون بشكل مستمر بمواعيد التسليم.
عندما تستخدم المؤسسة استراتيجية تجنب المخاطر، فهي تختار الابتعاد عن المخاطر تمامًا، اختيار الأصول الأكثر أمانًا والتي تحتوي على مخاطر قليلة جدًا أو معدومة.
2- تقليل المخاطر
بدلاً من القضاء على المخاطر أو الابتعاد عنها، تختار المؤسسات تخفيف تلك المخاطر من خلال التخطيط الدقيق والضمانات المالية والضوابط وأنظمة المراقبة وغيرها من الاستراتيجيات التي تقلل من حدوث الخطر أو تقوض من تأثيره.
على سبيل المثال، يمكن للمؤسسات تخفيف آثار تقلبات الأسعار عبر استخدام العقود المالية مثل العقود المستقبلية، أو التنويع في توزيع الاستثمارات حتى لا تعتمد المؤسسة على مصدر مالي واحد، أو وضع السياسات الائتمانية القوية التي تمنع العملاء والموردين من الاعتماد على سجل ائتماني ضعيف يمثل خطرًا للتخلف عن السداد.
3- نقل المخاطر
تعني استراتيجية نقل المخاطر قيام المؤسسة بتحويل الخطر إلى طرف ثالث، أي تستعين بمصادر خارجية مثل شركاء الأعمال أو شركات التأمين في تقليل المخاطر المالية.
من أمثلة نقل المخاطر، شراء وثائق التأمين لتغطية الحوادث غير المتوقعة، استخدام العقود الآجلة لتثبيت أسعار المعاملات المستقبلية للحماية من تقلبات الأسعار.
4- قبول المخاطر
تلجأ المؤسسات إلى استراتيجية قبول المخاطر عندما تتجاوز تكلفة الحد من الخطر تكلفة تحمله، أو في حال انخفاض احتمالية وقوع الخطر، وبالتالي يصبح قبول المخاطر هو الحل الأمثل، ويُعد ذلك النهج هو الشائع في القطاعات عالية النمو، إذ تنخرط المؤسسات في مستوى محسوب من المخاطرة المتعلقة بالإيرادات المستقبلية، ففي ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي، تستثمر المؤسسات في أسواق جديدة وتطلق منتجات جديدة بحثًا عن عوائد طويلة المدى.
من أمثلة قبول المخاطر، قبول المؤسسة مستوى معين من تقلبات أسعار الصرف عند العمل في عدة دول.
من خلال خدمات التوظيف المتخصصة لدينا في صبّار، نوفر لك أفضل الخبراء في إدارة المخاطر المالية، مما يمنحك القدرة على اتخاذ قرارات سليمة ومدروسة، وتقليل الخسائر المحتملة، وتعزيز استقرار أعمالك على المدى الطويل.

خطوات إدارة المخاطر المالية:
تتبع المؤسسات نهجًا استراتيجيًا عند إدارة المخاطر المالية يتضمن تنفيذ مجموعة من الخطوات، تشمل ما يلي:
1- تحديد المخاطر المالية
أولى خطوات إدارة المخاطر المالية هي تحديد تلك المخاطر، إذ تحتاج المؤسسات إلى التعرف على التهديدات المالية حتى يتسنى لها إدارتها وتجنبها بنجاح للحفاظ على استقرارها المالي، وهو ما يتطلب إجراء فحصًا دقيقًا لعمليات المؤسسة ومعاملاتها المالية، مع تحليل العوامل السوقية التي يمكن أن تهدد قوتها المالية ومراقبة أنشطة المنافسين.
تتعدد المخاطر المالية التي قد تؤثر على الموقف المالي للمؤسسة ما بين: مخاطر السيولة، مخاطر الائتمان، مخاطر السوق، المخاطر التشغيلية، وغيرها من المخاطر التي ينبغي فهمها والتعامل معها حتى يمكن إدارتها بشكل أفضل وحماية العمل.
هناك العديد من الأدوات الرقمية الحديثة التي تعتمد عليها المؤسسات في تحديد المخاطر المالية، إذ تساعد في الكشف سريعًا عن المخاطر المالية الواضحة والمخفية قبل أن تؤثر على الصحة العامة للمؤسسة، كما تستخدمها المؤسسة في تسجيل جميع المخاطر المالية حتى الصغيرة منها قبل أن تتفاقم بمرور الوقت لتصبح مشكلات كبيرة إذا لم تُعالج مبكرًا.
2- تقييم المخاطر المالية
بعد تحديد المخاطر المالية المحتملة، تأتي خطوة تقييم وقياس تلك المخاطر لفهم أسبابها الجذرية ومعرفة مدى تأثيرها واحتمالية حدوثها، وبالتالي تتمكن المؤسسة من تحديد أولويات جهود إدارة المخاطر.
يتم تقييم المخاطر المالية بطريقة نوعية أو كمية، ويُعد التحليل النوعي هو الأسلوب الأكثر شيوعًا في تقييم المخاطر، إذ ينطوي على تحديد التهديدات وتصنيفها بناءً على احتمالية حدوثها والخسائر المحتملة، ومن ثم تطور المؤسسة استراتيجيات مناسبة لمعالجة تلك المخاطر.
تتعدد الأدوات والتقنيات التي يمكن استخدامها في إجراء تحليل شامل للمخاطر المالية، مثل تحليل البيانات التاريخية، ودراسات السوق، وجلسات العصف الذهني، كما يمكن الاستفادة من الأحداث السابقة للحصول على رؤى قيمة تساعد في الاستعداد للتحديات المستقبلية.
3- تطوير استراتيجيات إدارة المخاطر المالية
في هذه الخطوة، تبدأ المؤسسة في تطوير الاستراتيجيات التي تساعدها على التعامل مع المخاطر المالية المحددة بعد تقييمها، سواء للحد منها أو السيطرة عليها، واعتمادًا على شدة المخاطر تختار المؤسسة الاستراتيجية المناسبة ما بين تجنب المخاطر، تقليل المخاطر، نقل المخاطر، قبول المخاطر.
يتوقف اختيار استراتيجية إدارة المخاطر المالية على التأثير المُحتمل لكل خطر وموارد المؤسسة المتاحة ومدى تقبلها للمخاطر.
4- تنفيذ استراتيجية إدارة المخاطر المالية
بعد الاستقرار على الاستراتيجية المناسبة لإدارة المخاطر المالية، تأتي خطوة تنفيذها من خلال دراسة كل خطر مُحدد ووضع خطة معالجة لكل منه، إذ يحتاج كل خطر إلى خطة عمل حتى وإن كانت استمرار وقبول الخطر، مع الأخذ في الاعتبار أن خطط العمل لبعض المخاطر يمكن أن تكون أكثر تعقيدًا من غيرها، وقد يحتاج بعضها إلى أن يصبح مشاريع مستقلة.
في هذه الخطوة، يجب إنشاء ضوابط وعمليات جديدة تتضمن تدريب الموظفين والتعاون بين مختلف الأقسام، حتى يمكن تطبيق أفضل معالجات ممكنة للمخاطر المالية، وحماية إيرادات المؤسسة مع تقليل التكاليف.
5- مراقبة ومراجعة استراتيجيات إدارة المخاطر المالية
وهي الخطوة الأخيرة في إدارة المخاطر المالية، فبعد أن تنفذ المؤسسة استراتيجية إدارة المخاطر، تقوم بفحص تقدم تلك الاستراتيجية بشكل دوري، وتحديث سجل المخاطر، واستخدام الدروس المستفادة لتعزيز عملية إدارة المخاطر المالية، ويتعين على المؤسسة تنفيذ هذا الإجراء سنويًا في ظل التغيرات المستمرة التي تشهدها مخاطر الأعمال بمرور الوقت وما تتطلبه من تغير استراتيجيات إدارتها، مع استخدام هذه التقييمات الدورية كنقاط مرجعية للمؤسسة، مما يوضح التقدم على أساس سنوي.
تُعد مراقبة ومراجعة استراتيجيات إدارة المخاطر المالية خطوة بالغة الأهمية، لأنها تتيح للمؤسسات تحليل وضعها الحالي، وتحديث السياسات المالية بناءً على اتجاهات السوق، وإجراء التحسينات المستندة إلى تقييم الأداء المالي، كما تمكّن المؤسسة من معرفة ما إذا كانت استراتيجياتها تعمل كما هو مخطط لها أو تحتاج إلى تعديلات، مما يجعل المؤسسة في حالة تأهب لأي مخاطر أو حالات عدم يقين مستقبلًا، ومرنة وقابلة للتكيف مع المخاطر الجديدة عند تحديدها ومعالجتها.
تربطك صبّار للتوظيف بأفضل خبراء إدارة المخاطر المالية الذين يتم اختيارهم بعناية وفق أعلى معايير الكفاءة والخبرة.

وظف أفضل الكفاءات المتخصصة لإدارة المخاطر المالية مع صبّار
هل تبحث عن خبراء ماليين قادرين على حماية شركتك من تقلبات السوق والمخاطر التشغيلية؟ نحن في صبّار للتوظيف نوفر لك أفضل الكفاءات والمواهب المتخصصة في إدارة المخاطر المالية، لضمان اتخاذ قرارات مالية سليمة وتقليل الخسائر المحتملة، وضمان استدامة أعمالك ونموها.
تقدم لك صبّار أفضل حلول التوظيف التي تلبي احتياجاتك من المرشحين، السعوديين أو الأجانب، للعمل بدوام كامل أو جزئي، من المقر أو عن بُعد، مع الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي في انتقاء أسمائهم لضمان توافق مؤهلاتهم مع متطلباتك، وتنفيذ عملية التوظيف في وقت قياسي.

الخاتمة:
إدارة المخاطر المالية هي العملية التي تتبعها المؤسسات لتحديد وتحليل المخاطر المالية المحتملة التي قد تؤثر على ربحيتها واستقرارها، ووضع خطط لإدارتها والتقليل من آثارها. وتشمل هذه المخاطر تقلبات الأسواق، نقص السيولة، تغير أسعار الفائدة، حالات التخلف عن السداد، والأعطال التشغيلية، والخسائر المفاجئة.
تهدف إدارة المخاطر المالية إلى حماية المؤسسات من الخسائر الكبيرة، وتحسين أدائها المالي، والحفاظ على استقرارها التنافسي من خلال فهم جميع المخاطر بدقة وتحديد الأولويات في التعامل معها.
تتضمن استراتيجيات إدارة المخاطر المالية عدة طرق للتعامل مع المخاطر، مثل تجنبها، تقليلها، نقلها إلى طرف ثالث، أو قبولها حسب نوع المخاطر وشدتها.
كما تتبع المؤسسات خطوات منهجية تشمل تحديد المخاطر، تقييمها، تطوير استراتيجيات مناسبة، تنفيذها، ومراقبتها ومراجعتها بشكل دوري. يساعد هذا النهج المؤسسات على اتخاذ قرارات مالية مستنيرة، حماية أصولها واستثماراتها، الاستجابة بسرعة للتغيرات في بيئة الأعمال، وضمان استدامة النمو على المدى الطويل.











