فكّر معنا: ماهي قيم عملك وشركتك؟ ليه موجودة؟ ايش تخدم؟
بنعطيك سيناريو صعب شوي ويمكن مايمرّ عليك أبدًا: دخل زبون مقهى عندهم غرف اجتماعات، حجز الغرفة ساعة، بس جلس ساعة وعشرة دقائق. طلع الزبون ولمّا طلب منه الموظف يدفع جزء الساعة اللي جلسها رفض الزبون بحجة إنها “عشر دقايق ماتسوى”. فيه موظف بيعرف كيف يتصرّف بطريقة تحقق أهداف الشركة الكبيرة، وفيه موظف بيضطّر ينادي مدير الفرع، وفيه موظّف بيحاول يحلّها بس بالغلط كبّر المشكلة زيادة!
لو وضعنا السمات الشخصيّة لكل موظّف على جنب، ايش النقطة المؤثرة على ردة فعل كل واحد؟
ثقافة الشركة! نفسها الإجابة على أسئلتنا الثلاثة الأولى حول القيم، والهدف، والرؤية!
(اضمن أن موظفينك مستعدين لأي مشكلة! اقرأ: دليل تهيئة وتدريب الموظفين في قطاع التجزئة وقطاع المطاعم والمقاهي).
نشاركك في هذا المقال كل اللي تحتاج تعرفه عن ثقافة الشركة من مفهومها إلى تطبيقها مع بعض النماذج المحليّة.
ماهو مفهوم “ثقافة الشركة”؟
يختلف تعريف “ثقافة الشركة” من جهة لأخرى، بعض الشركات تعرّف ثقافتها كصفات الشركة ونقاط تميّزها (مثل الابتكار، والجودة، أو الأصالة). في الجانب الآخر، تعرّفها بعض الشركات كطريقة تفاعل أجزاء الشركة مع بعض (المدراء والموظفين، الموظفين مع بعضهم، الموظف مع العميل…إلخ).
في كل التعريفين، بتلاحظ أن الثقافة هي بوصلة ودليل الشركة والمنشأة في العمل. لذلك تعريفها هو أول وأهم (وأسهل) خطوة في تطبيقها.
الموظفين يهتمون للثقافة لأنها تدلّهم على ملائمة الشركة لهم (هل هذه البيئة مناسبة وداعمة لي؟)، والعملاء يتهمون لها لأنها تساعدهم في تحديد توقّعاتهم وتطلعاتهم من الشركة (كيف يتعاملون مع احتياجات العميل؟ طريقة حلّهم لمشاكله؟ هل يضمنون له حقّه؟).
كيف تؤثر ثقافة الشركة على جميع جوانب العمل؟
أو بصيغة أخرى: ليه ثقافة الشركة مهمة؟
ثقافة الشركة هي أساس هويّة شركتك (اقرأ أكثر عن أهمية هويّة الشركة: تفتح مقهى؟ ولا راحت عليك؟ | تجربة تنفس وإكسير البن في سوق المقاهي). هي كيف يتعامل موظف الموارد مع المتقدمين للعمل، كيف يتعامل مدير التشغيل مع موظفين الفرع، كيف يتعامل موظف الكاشير مع الزبون المعصّب.
خلينا نختصر أهمّيتها لك:
- تجذب أفضل الكفاءات في السوق للعمل لديك وتحوّلهم لسفراء شركتك في كل مكان.
- تجذب الزبون، وتحافظ عليه، وتجعله مسوّقك الأول.
- تحافظ على سير وانتظام العمل في كل أجزاء شركتك ومنشأتك.
- تحدد أداء الموظفين.
- تقود التعامل مع المشكلات الداخلية والخارجية للشركة.
كيف أحدد ثقافة الشركة؟
هنا بنرجع للأسئلة التي بدأنا فيها: ماهي قيم عملك وشركتك؟ ليه موجودة؟ ايش تخدم؟
كما ذكرنا، ثقافة الشركة وهويتها مترابطين ويؤثرون بشكل أساسي على بعض.
حتى تتمكن من تحديد ثقافة شركتك بطريقة واضحة، لابد أن تحدد الهدف الأساسي من شركتك وتفصّل فيه بصورة أكبر. مثلًا، كصاحب مقهى، لا شك أن واحد من أهدافك الرئيسية هي تقديم تجربة عميل ممتازة لكن لابد تدخل في التفاصيل أكثر: هل التجربة تتمحور حول بيئة المكان؟ أو سرعة الخدمة؟ أو المنتجات المبتكرة؟
لنفترض أنك صاحب مطعم يخدم العائلات ويقدّم تجربة لجميع أفراد الأسرة من الصغير للكبير، جميع موظفينك بيعرفون أنه في حال اشتكى زبون من وجود الأطفال، فهذه نقطة لايمكنهم تغييرها له لأن رغبته تعارض ثقافة الشركة.
تحديدك للتفاصيل بيساعدك تحدد الأولويات، وهذا بيساعدك وموظفينك عند تنفيذ العمل وحل المشكلات.
حتى تعرف كيف تحدد ثقافة شركتك، لابد تعرف مكوناتها الأساسية:
- الهدف والرؤية: من نحن؟ ماهي وجهتنا؟
- القيم المؤسسية.
- السياسات والإجراءات (Policies and Procedures).
- القيمة المقدمة للعميل: ما الذي يميّزنا؟
بعد ماتحدد هذه النقاط الأساسيّة، بتقرر بناءً عليها كيف ترتب سير العمل والهيكل التنظيمي.
قسّم بروفيسور إدارة الأعمال روبرت كوين بمساعدة البروفيسور كيم كامرون ثقافة الشركات وهيكلتها التنظيمية إلى أربعة أنواع:
الثقافة الأدهقراطية:
ابتكار، وتغيير، ومرونة.
كل موظف قادر على اتخاذ القرار في مجاله بعد التنسيق مع الآخرين (مايحتاج مدير يقرر عن الجميع). وتتميز بالتعامل مع المشاكل في لحظتها بدل التخطيط لها (سريعة ومتغيّرة) وبعدم وجود هيكل تنظيمي رسمي.
الثقافة الجماعيّة:
التزام، وتعاون، وولاء.
تركّز الشركة على طابع العائلة. أهداف الموظفين وقيمهم واحدة. الأولوية في هذه الثقافة للعمل الجماعي واحتياجات الموظفين. تركّز هذه الثقافة على الأهداف طويلة المدى وتتجنب المنافسات الداخليّة بين الموظفين.
الثقافة الهرميّة:
هيكل، وثبات، وتسلسل.
تركّز الشركة على وجود تسلسل قيادي محدّد (مدير، ونائب مدير، ورئيس قسم…إلخ)، ووجود عدد من القوانين والإجراءات الثابتة التي يتبعها جميع موظفي الشركة. تعتبر هذه الثقافة اليوم “تقليدية”، وهدفها الحفاظ على ثبات سير العمل على المدى الطويل.
الثقافة السوقيّة:
مُخرجات، ومنافسة، وسرعة.
تركّز الشركة على تحقيق الأهداف والمُخرجات بشكل رئيسي، وتحرص على تحفيز المنافسة بين الموظفين. تعتبر هذه الثقافة أكثر الثقافات شراسةً ورأس ماليّة بين الثقافات الأربع.
تساعدك هذه الثقافات على تحديد أولوياتك، ويمكنك الجمع بين أكثر من ثقافة (مثلًا: لديكم تسلسل هرمي، لكن تركيزكم على احتياجات الموظفين وعملهم كمجموعة).
تواصلنا مع عدد من الشركات التي تملك ثقافة قويّة وملحوظة من أول تواصل، وسألناهم عن المزيد من التفاصيل:
مبات | Mabaat
مبات هي شركة عقارية بدأت في آواخر عام ٢٠٢٠ متخصصة في سوق الإيجارات قصيرة الأجل وإدارة العقارات الراقية نيابةً عن ملّاكها. بدأت مبات في جدة وتوسّعت إلى عدد من مدن المملكة.
تحدّثنا مع أحد المسؤولين في شركة “مبات” حول ثقافة الشركة:
تركّز ثقافة مبات مع الموظفين على “القيمة” و “الإنتاجيّة”. وتقاس هذه النقاط برضى العميل وتكراره للتجربة.
لو اختصرنا ثقافة مبات التي يحرصون على وصولها للموظفين في نقطتين فهي:
- لابد يكون عنده إحساس مُلكية، اعمل كأنك صاحب الشركة والعمل. لماذا؟ حتى يقدّم لها أفضل ماعنده.
- إنتاجيتك أولوياتنا في قياس عملك. ما تهمنا ساعة دخولك أو خروجك، المهم هي القيمة التي تقدّمها لمبات وإنجازك لجميع مهامك في وقتها.
يتم اختيار وتدريب الموظفين لدى مبات بدقّة تركّز على نقطتين أساسيتين: المهارات الاجتماعيّة (التعامل مع العملاء)، والقدرة على اتخاذ القرارات.
حتى تضمن مبات هذه النقطتين، يمر الموظف بفترة تدريبية تنقسم إلى: ثلاثة أيام من العمل مع قائد الفريق، وأسبوع إلى أسبوعين تجريبية لضمان قدرته على العمل بما يوافق ثقافة الشركة.
كيف تدعم ثقافة مبات موظفينها؟
- تقدّم مبات عدد من الأنشطة للموظفين بمعدل مرة إلى مرتين كل شهر لبناء روح الفريق والحرص على تواصلهم وتعرّفهم على بعض.
- تتعامل مبات مع الأخطاء بمبدأ التدريب (coaching)، كل خطأ جاء من سوء أو قلة فهم وحلّه هو تقديم جلسات للموظف من قِبل المشرف المسؤول عنه لاكتشاف جوانب الخطأ أو المشكلة وتقديم حلول فعّالة تنظر للموظّف كفرد.
سالا سيتي | Sala City
سالا تعرّف نفسها كـ”مدينة ترفيهية لجميع أفراد العائلة”. بدأت عام ٢٠١١ وتعتبر من أول الشركات الترفيهية المتخصصة في تقديم خدمات ترفيهية لجميع الأعمار.
عند حديثنا مع أحد المسؤولين في سالا، أكّد لنا تركيزهم على سير عمل الفريق بشكل منظّم و”مافيه وقت ضائع”. يحصل الموظف على تدريب لمدة يومين.
كجهة تشغّل عددًا من الموظفين في مختلف المجالات، والمراتب الوظيفية من مدراء إلى مشغّلين ألعاب.
سألنا: كيف تحفّزون جودة مشغّلين الألعاب كوظيفة قد تعتبر “روتينية” وغير مشجّعة للبعض؟
- للموظف برنامج تطوّر مهني واضح.
- المدفوعات، والتعويضات، والمحفّزات منصفة وعلى وقتها.
كيف تدعم ثقافة سالا موظفينها؟
- يمرّ الموظف ببرنامج تطوّر من ١٠ مراحل تقريبًا، حتى يأخذ التدريب والخبرة الكافية في كل مرحلة من كل مجال.
- تركّز ثقافة سالا على التواصل الفعّال. لايهم الموضوع كبير أو صغير، الجميع مستعد أن يسمع، ويسأل، ويتحاور.
قهوة صحبة | Sohba Coffee
قهوة صحبة مكان تعرف ثقافته فور دخولك له، يتسع للجميع: اللي يشتغل، واللي يسولف، واللي يدرس، واللي يتقهوى ويتفرج على الناس.
عند حديثنا مع أحد المسؤولين في صحبة، أكّد لنا تركيزهم على شخصية الموظف قبل خبرته. يقول: الخبرة مكتسبة وبالإمكان تعلّمها مع مرور الوقت، أما الشخصية والأسلوب والتعامل فهي سمات غير مكتسبة. من المقابلة، نركّز على أسلوب الموظّف في الحوار وتعامله.
نحرص على كسر الحواجز من خلال الأسئلة، نتبادل وندوّر الخبرات من خلال تواصلنا مع بعضنا البعض وسؤالنا عن كيفية أداء المهام التي نجهل أداءها أو نحتاج مساعدة فيها. إضافةً إلى ذلك، نحرص على أن نوازن بين الصرامة والرخاء، وأن يُعامل كل موقف بناءً على مايتطلبه.
قوانين العمل غير قابلة للتفاوض، لكن الاحتياجات الاستثنائية (مثل حاجة الموظف للخروج قبل نهاية العمل بمدة بسيطة لظرف) قابلة للنقاش.
سألنا: كيف تحفّزون جودة عمل موظفينكم وتحرصون على استمراريتهم في قطاع يرتفع فيه الدوران الوظيفي؟
- باب الحوار دائمًا مفتوح.
- نحن في صف الموظف، ندعمه ونشجّعه ونحترمه.
كيف تدعم ثقافة صحبة موظفينها؟
- تهتم صحبة بالجانب المعنوي للموظفين كأولويّة.
- يتم حل نقاط الخلاف ودّيًا قبل اللجوء للإنذارات والعقابات.
تذكّر: ثقافة شركتك تحدد كيف يتعامل الجميع مع بعض، وكيف تُتخذ القرارات!