مراحل الإدارة الاستراتيجية والالتزام بتنفيذها بالترتيب من العوامل التي تساعد المؤسسات على دفع نموها والوصول إلى أهدافها طويلة المدى، إذ تشكل هذه المراحل المسار الذي يتعين على المؤسسات اتباعه للتكيف مع بيئة الأعمال الديناميكية والمتغيرة باستمرار وتوجيه مواردها واتخاذ القرارات الصائبة، كما أن فهمها يساعد القادة والمديرين على تبني أساليب منهجية في إدارة أعمالهم، والتكيف مع التحديات، وتعظيم الفرص، وفي هذا المقال نشرح بالتفصيل مراحل الإدارة الاستراتيجية.
مراحل الإدارة الاستراتيجية:
تتكون الإدارة الاستراتيجية من خمسة مراحل أساسية توفر إطارًا منظمًا يساعد على توجيه تطوير وتنفيذ ومتابعة استراتيجيات المؤسسة من أجل تحقيق الأهداف طويلة المدى، لأن كل مرحلة تبني على السابقة، مما يخلق نهجًا منطقيًا ومتسقًا لتطوير وتنفيذ الاستراتيجيات، تشمل تلك المراحل ما يلي:
1- مرحلة التحديد
المرحلة الأولى في عملية الإدارة الاستراتيجية هي تقييم الاتجاه الحالي للمؤسسة، وهو ما يتطلب تحديد أهدافها وما تسعى لتحقيقه، ويتم ذلك من خلال صياغة بيان الرؤية وبيان الرسالة لأن كلاهما يوضحان اتجاه المؤسسة على المدى الطويل، على النحو التالي:
- بيان الرؤية: يوضح الوضع المستقبلي الذي تطمح المؤسسة في الوصول إليه، مما يساعد على تشجيع وإلهام أصحاب المصلحة ومنحهم شعورًا بالغاية.
- بيان الرسالة: يوضح الغرض الأساسي من وجود المؤسسة وقيمها وأهدافها الرئيسية، وما هي القيمة التي تقدمها، وما هي منتجاتها أو خدماتها ومن يستفيد منها، ومن ثم يُستند إلى هذا الغرض في عملية التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرار.
في مرحلة التحديد، تحدد المؤسسة أهدافها التي يجب أن تكون محددة وقابلة للقياس والتحقيق وواقعية ومحددة بزمن، لتوفير مؤشرات أداء واضحة، وضمان توافق جميع جهود المؤسسة مع رسالتها ورؤيتها، مما يُعد أساسًا للتخطيط والتنفيذ الاستراتيجي.
بشكل عام، تشمل الأهداف العليا التي تسعى المؤسسة لتحقيقها، أهداف تتعلق بالنمو من خلال زيادة الإيرادات، أو التوسع في الأسواق، أو اكتساب عملاء جدد، أو أهداف خاصة بمكانة المؤسسة في السوق عن طريق تحديد الحصة السوقية أو الترتيب الذي تطمح إليه في القطاع، أو خاصة بنتائج أعمالها الأخرى عبر وضع نتائج أساسية مثل الابتكار في المنتجات، أو الكفاءة التشغيلية، أو رضا العملاء.
اقرأ أيضًا: التخطيط الاستراتيجي - دليل شامل
2- مرحلة التحليل
بعد استقرار المؤسسة على أهدافها التي تسعى لتحقيقها، تبدأ في المرحلة التالية من مراحل الإدارة الاستراتيجية وهي مرحلة التحليل أو التي تُعرف باسم المسح البيئي، وفيها يتم إجراء تحليلًا شاملاً للعوامل الداخلية والخارجية التي يمكن أن تؤثر على التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة، من خلال معرفة ما تقوم به المؤسسة بشكل جيد أي نقاط القوة، وما تحتاج إلى تحسينه أي نقاط الضعف، مع معرفة الفرص المتاحة التي قد تظهر لها، والتحديات التي يمكن أن تواجهها.
في هذه المرحلة، تجري المؤسسة نوعين من التحليل وهما:
التحليل الداخلي
في هذا التحليل تتعرف المؤسسة على قدراتها الداخلية وهي:
- نقاط القوة: وهي الكفاءات الأساسية والمجالات التي تميز المؤسسة.
- نقاط الضعف: وهي المجالات التي تفتقر فيها المؤسسة إلى الموارد أو القدرات.
التحليل الخارجي
يتضمن التحليل الخارجي التعرف على البيئة الخارجية للمؤسسة من خلال ما يلي:
- الفرص: وهي المجالات والعناصر التي يمكن للمؤسسة الاستفادة منها، مثل اتجاهات السوق واحتياجات العملاء والتقنيات الناشئة.
- التهديدات: وهي التحديات التي قد تؤثر بالسلب على نجاح المؤسسة وتشمل: الضغوط التنافسية والتغييرات التنظيمية والتقلبات الاقتصادية.
في هذه المرحلة، تعتمد المؤسسات على تحليل SWOT (تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات) للتعرف على البيئتين الداخلية والخارجية، كما تستخدم أدوات مثل تحليل PESTEL (السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، التكنولوجي، البيئي، القانوني) لتقييم البيئة الأوسع، بما في ذلك اللوائح التنظيمية، اتجاهات السوق، العوامل الاجتماعية والاقتصادية، ضغوط المنافسة، وهو ما يساعدها على تحديد الفرص التي يمكن استغلالها، والتهديدات التي يجب تجنبها.
نساعدك في صبّار على توظيف الكفاءات الإدارية الأكثر تأثيرًا، القادرة على تحسين الأداء، ورفع الإنتاجية، وتحقيق أهدافك الاستراتيجية بفعالية.

3- مرحلة صياغة الاستراتيجية
بعد حصول المؤسسة على جميع المعلومات اللازمة، تبدأ في صياغة خطتها الاستراتيجية، وهي الخطة التي تحدد الإجراءات التي سوف تتبعها المؤسسة من أجل الوصول إلى أهدافها، وبالتالي فهي تحول الأفكار المستمدة من مرحلة التحليل إلى خطوات ملموسة ومنظمة وواضحة.
عند صياغة الخطة الاستراتيجية، يجب تضمينها ببعض العناصر الأساسية وهي:
1- الأهداف الاستراتيجية
هي الأهداف العليا التي تسعى المؤسسة لتحقيقها، وذلك بناءً على التحليل الذي تم إجراؤه، ويجب أن تساعد تلك الأهداف على تحقيق رسالة المؤسسة، وقد تكون زيادة الأرباح، أو إطلاق منتجات جديدة، أو رفع مؤشر رضا العملاء.
2- التكتيكات
تشير التكتيكات إلى الخطوات والإجراءات التي ينبغي أن تتبعها المؤسسة من أجل الوصول إلى أهدافها، على سبيل المثال إذا كانت المؤسسة تهدف إلى تعزيز الوعي بعلامتها التجارية، فإن أحد التكتيكات يمكن أن يكون زيادة انتشارها على منصات التواصل الاجتماعي.
3- مقاييس الأداء
يجب أن توضح الخطة الاستراتيجية كيفية قياس التقدم نحو تحقيق الأهداف المحددة، وهو ما يتطلب وضع مقياس لكل هدف، مع التأكد من إمكانية تتبع جميع تلك المقاييس بدقة، حتى يتسنى للمؤسسة قياس مدى نجاحها في بلوغ أهدافها.
4- المشاريع
تُعد المشاريع وسيلة لتنفيذ الأهداف الاستراتيجية، وبالتالي يجب أن تحتوي الخطة الاستراتيجية على تفاصيل عن المشاريع التي سينفذها كل قسم.
عند صياغة الخطة الاستراتيجية، تتمكن المؤسسة من تحديد الخيارات المتاحة لتحقيق الأهداف، وتقييم هذه الخيارات، واختيار أنسب الاستراتيجيات بناءً على عوامل مثل مدى جدواها، وتوافر الموارد، والمخاطر والمكاسب المحتملة، واتجاهات السوق، ومدى توافقها مع قيم المؤسسة.
وتركز الاستراتيجيات بشكل عام على تعزيز أرباح المؤسسة، وتحسين وضعها التنافسي، ومواءمة قدراتها ومواردها لبلوغ الأهداف العامة.
اعرف أكثر عن: خطوات ومراحل التخطيط الاستراتيجي
4- مرحلة التنفيذ
بعد وضع الخطة الاستراتيجية التي تساعد على تحقيق أهداف المؤسسة، حان وقت تنفيذها وجعلها تتحقق على أرض الواقع، وهو ما يتطلب تنفيذ مجموعة من الإجراءات، تشمل ما يلي:
1- تأمين الموارد المطلوبة
لتنفيذ الخطة الاستراتيجية، يجب على المؤسسة أن تعمل على توفير جميع الموارد المطلوبة، وكذلك الميزانيات والموافقات اللازمة، مع تخصيص تلك الموارد بكفاءة.
تشمل الموارد المطلوبة: الموارد المالية، الموارد المادية، القوى العاملة، الموارد التكنولوجية.
2- تفويض المهام
تحتاج مرحلة التنفيذ إلى توزيع الأدوار والمسؤوليات على أعضاء الفريق، مع تحديد من المسؤول عن التواصل مع الفرق، ومن سوف يتولى متابعة التقدم، وتحديد ما هي الأقسام المسؤولة عن كل تكتيك، والتأكد من أن كل فرد يعرف دوره بدقة.
3- وضع جدول زمني
لا بد من وضع جدول زمني للخطة الاستراتيجية، يوضح المواعيد النهائية لكل مهمة من المهام، مما يضمن استمرار التقدم، والتزام كل فرد بمسؤولياته.
4- إطلاق الخطة
لا بد من توصيل تفاصيل الخطة إلى جميع الموظفين داخل المؤسسة، وهو ما يتطلب وضع خطة للتواصل مع مجلس الإدارة أو العملاء الرئيسيين أو المستثمرين أو الجمهور، ويجب أن يكون هذا التواصل ثنائي، مع ضرورة توفير وسيلة تواصل يستخدمها الموظفين في طرح الأسئلة أو تقديم الملاحظات حول الخطة.
5- تقديم التدريب
عند تنفيذ الخطة، لا ينبغي الإغفال عن تمكين قادة الأقسام من فهم الخطة الاستراتيجية بشكل عميق، وهو ما يتطلب تقديم جلسات تدريبية تساعدهم على مواكبة التفاصيل والتعرف على تفاصيل الخطة.
6- وضع خطة لمشاركة التقدم
من الخطوات الحاسمة في نجاح الخطة الاستراتيجية، إبقاء جميع الموظفين على اطلاع بمدى التقدم المُحرز، نظرًا لعملهم نحو أهداف مشتركة، لذلك لا بد من التواصل بشكل منتظم حول سير تنفيذ الخطة الاستراتيجية، من أجل تعزيز التفاعل والالتزام.
تعاون مع صبّار ووظف نخبة من الكفاءات الإدارية عالية المستوى، مدربة، ومزودة بالمهارات القيادية اللازمة لتطوير أعمالك، بما يتناسب مع ثقافة شركتك.

5- مرحلة التقييم
وهي المرحلة الأخيرة من مراحل الإدارة الاستراتيجية، وفيها تحدد المؤسسة ما إذا كانت خطتها قد تم تنفيذها بشكل مناسب ومدى نجاحها في تحقيق الأهداف المحددة، وذلك من خلال قياس الأداء مقابل الأهداف، وبالتالي تعتمد على الأهداف التي تم تحديدها في بداية عملية الإدارة الاستراتيجية كمعايير للقياس.
تتضمن مرحلة التقييم إجراء مراجعات دورية لتحديد المشكلات أو الانحرافات عن الخطة، ثم إجراء التعديلات اللازمة لتحسين تنفيذ الاستراتيجية، مع قياس الأداء وتحليل المشكلات الداخلية والخارجية قبل تحديد الإجراءات التصحيحية اللازمة.
تُعد مرحلة التقييم من المراحل بالغة الأهمية، لأنها تساعد المؤسسة متوافقة مع أهدافها، وتمكنها من تحسين نهجها الاستراتيجي مع مرور الوقت، كما أن الإدارة الاستراتيجية ليست عملية تُنفذ مرة واحدة فقط، بل تتغير استراتيجية الإدارة وبيئة العمل مع نمو المؤسسة، لذلك من الضروري مراجعة خطة الإدارة الاستراتيجية بانتظام، مع الأخذ في الاعتبار التهديدات الجديدة المحتملة، ومقاييس النجاح ذات الصلة، والفرص الجديدة التي قد ترغب المؤسسة في استكشافها.
كوّن فريقًا إداريًا مميزًا مع صبّار
هل تبحث عن كفاءات إدارية ترتقي بشركتك إلى المستوى التالي؟ نحن في صبّار للتوظيف متخصصون في اختيار أفضل المواهب الإدارية، ممن يتمتعون بالخبرة، المهارات القيادية، والقدرة على دفع أعمالك نحو النجاح.
يمكنك الاعتماد على صبّار في توظيف الكفاءات من الإداريين السعوديين والأجانب، المؤهلين للعمل الفوري بدوام كامل أو جزئي، من المقر أو عن بُعد، ننتقي لك أسمائهم بواسطة الذكاء الاصطناعي لتضمن توافق مؤهلاتهم مع متطلبات عملك.

الخاتمة:
تمر الإدارة الاستراتيجية بخمس مراحل أساسية توفر إطارًا متكاملًا لتطوير وتنفيذ ومتابعة استراتيجيات المؤسسة بما يحقق أهدافها طويلة المدى. تبدأ العملية بمرحلة تحديد الأهداف من خلال صياغة بيان الرؤية والرسالة وتحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس لضمان توافق جميع جهود المؤسسة مع رسالتها، وتشمل الأهداف عادة النمو، التوسع في الأسواق، تعزيز الحصة السوقية، ورفع الكفاءة التشغيلية ورضا العملاء. بعد ذلك تأتي مرحلة التحليل، حيث تقوم المؤسسة بدراسة بيئتها الداخلية والخارجية لتحديد نقاط القوة والضعف، واستكشاف الفرص والتهديدات، باستخدام أدوات مثل تحليل SWOT وPESTEL، مما يساعد في وضع صورة واضحة للوضع الحالي وتحديد الاستراتيجيات المناسبة.
ثم تنتقل المؤسسة إلى مرحلة صياغة الاستراتيجية التي تحول نتائج التحليل إلى خطة عملية تتضمن أهدافًا استراتيجية، وتكتيكات، ومقاييس أداء، ومشاريع تنفيذية واضحة، لتحديد أفضل الخيارات الاستراتيجية وفقًا للجدوى، والموارد، والمخاطر، واتجاهات السوق. يلي ذلك مرحلة التنفيذ التي تتضمن تأمين الموارد، تفويض المهام، وضع الجداول الزمنية، إطلاق الخطة، وتدريب الفرق، مع متابعة التقدم بشكل دوري. وأخيرًا تأتي مرحلة التقييم، حيث يتم قياس الأداء مقابل الأهداف، مراجعة الانحرافات والمشكلات، وإجراء التعديلات اللازمة لضمان استمرار تحسين الاستراتيجية، مع مراعاة التغيرات في بيئة العمل والفرص والتهديدات الجديدة، لتصبح الإدارة الاستراتيجية عملية ديناميكية مستمرة تتكيف مع نمو المؤسسة وتحدياتها.











