الإدارة الاستراتيجية وتنفيذها على النحو الأمثل من العوامل الحاسمة التي تعزز من قدرة المؤسسات على الصمود أمام التحديات والتغيرات واكتساب ميزة تنافسية وتحقيق الأهداف طويلة وقصيرة المدى، فعندما تخطط المؤسسة لتحقيق غاياتها، يجب أن يكون لدى فريقها الرؤية الواضحة وفهمًا للاتجاه الذي يسير فيه، من أجل خلق الدافع لتقديم أفضل أداء، وهنا يأتي دور الإدارة الاستراتيجية التي تدفع المؤسسات نحو النجاح من خلال تمكينها من الاستخدام الأمثل لمواردها، وفي هذا المقال نوضح ما هي الإدارة الاستراتيجية وأنواعها ووظائفها.
الإدارة الاستراتيجية:
يشير مصطلح الإدارة الاستراتيجية إلى العملية المستمرة التي تنفذها المؤسسة من أجل التخطيط والتحليل والتقييم للموارد والعمليات التي يتعين عليها امتلاكها حتى تتمكن من تحقيق أهدافها وغاياتها، وبالتالي تكتسب هذه العملية أهمية كونها الوسيلة التي تمكّن المؤسسات من تقييم استراتيجياتها بشكل دائم للبقاء قادرة على المنافسة في ظل التغيرات المطردة التي تشهدها بيئة الأعمال الديناميكية.
تتضمن عملية الإدارة الاستراتيجية تحديد أهداف المؤسسة، ودراسة وضعها الحالي، ووضع الخطط، وتطوير الاستراتيجيات الواجب تنفيذها للوصول إلى الأهداف طويلة المدى، وقياس كفاءة الاستراتيجية المنفذة وتعديلها عند الحاجة، بما يضمن تكيف المؤسسة مع بيئة العمل المتغيرة، وتحقيق التوافق بين مواردها وإجراءاتها مع رؤيتها ورسالتها، وهو ما يساعد على الحفاظ على ميزتها التنافسية.
توفر عملية الإدارة الاستراتيجية استراتيجية وهيكل واضحين بهدف تحسين الأداء العام للمؤسسة، فمن خلالها يتم تقييم البيئة الداخلية والخارجية، وتحليل نقاط القوة والضعف داخل المؤسسة، إلى جانب الفرص والتهديدات الموجودة في البيئة الخارجية، ومن ثم تتم هيكلة القرارات التي تهدف إلى إحداث تغيرات وتخصيص الموارد المحدودة على النحو الأمثل، وبما يساعد المؤسسة على اكتساب ميزة تنافسية.
على الرغم من أن ادارة الاستراتيجية تشمل عادة خمس مراحل أساسية، إلا أن نتائج هذه العملية تختلف باختلاف أهداف المؤسسة وبيئتها الداخلية والخارجية، وفي كل الأحوال تلتزم جميع المؤسسات الساعية للنجاح بتنفيذها، لأن من دونها يمكن أن تهدر المؤسسات الوقت والمال والموارد دون الوصول إلى أهدافها.
تقدم لك صبّار حلول توظيف متخصصة تساعدك على استقطاب أفضل الكفاءات الإدارية من المديرين التنفيذيين والمشرفين المتميزين الذين يعرفون كيف يديرون الموارد، ويحفزون الفرق، ويحققون أهداف شركتك بكفاءة.
أنواع الإدارة الاستراتيجية:
تتعدد أنواع ادارة استراتيجية المؤسسات التي يمكن تطبيقها عبر مختلف الصناعات لتحقيق النمو وبلوغ الأهداف طويلة المدى، تشمل تلك الأنواع ما يلي:
1- الإدارة الاستراتيجية الخطية
تُعد الإدارة الاستراتيجية الخطية أكثر أنواع الإدارة الاستراتيجية شيوعًا داخل المؤسسات، إذ تعتمد عليها المؤسسة في اتخاذ مختلف القرارات بناءً على العقل والمنطق، عن طريق تحديد سلسلة من النتائج المحتملة وفقًا للبيئات الداخلية والخارجية، ثم تختار مسارات العمل المناسبة، وبالتالي تتفاعل المؤسسة التي تتبع هذا النهج مع التغييرات غير المتوقعة والاضطرابات في البيئتين الداخلية والخارجية، دون أن يؤثر ذلك على منتجاتها وخدماتها.
عندما تطبق المؤسسة نهج الإدارة الاستراتيجية الخطية، تبدأ بالتعرف على التحديات الداخلية والخارجية والتنافسية المحتملة التي قد تنشأ، عبر إجراء تحليل لنقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات الخارجية أو ما يُسمى التحليل البيئي، ومن ثم تستخدم نتائج التحليل في صياغة الاستراتيجية التي يقوم فيها القادة بوضع خطة لتحقيق تلك الأهداف، ويتم تنفيذ تلك الاستراتيجية من خلال برامج وموارد محددة، ثم تقوم المؤسسة بتقييم العملية بالكامل.
يناسب نهج الإدارة الاستراتيجية الخطية المؤسسات التي تعمل في بيئات تتطور ببطء لأنه لا يسمح إلا بقدر بسيط من التغيير، كما يُعد هو النهج الأمثل في الحالات التي تتطلب تحديد الأهداف وإجراءات محددة لتحقيق أهداف المؤسسة.
2- الإدارة الاستراتيجية التكيفية
تتبنى الكثير من المؤسسات نهج الإدارة الاستراتيجية التكيفية حتى تتمكن من الاستجابة للتغيرات غير المتوقعة التي تشهدها أسواقها أو بيئتها التنافسية، إذ تنطوي هذه الإدارة على مسح البيئتين الداخلية والخارجية بحثًا عن التهديدات والفرص، ومن ثم يتم تطوير استراتيجيات للتكيف مع البيئات المتغيرة.
تركز الإدارة الاستراتيجية التكيفية على تنفيذ وتكرار الاستراتيجيات التي تطبقها الإدارة ومراجعتها بصورة مستمرة لإجراء تحديثات وتحسينات عليها، بما يعزز من قدرة المؤسسة على مواجهة التحديات الجديدة، لأن مزايا هذا النوع من الإدارة الاستراتيجية مؤقتة وتعتمد على استمرار التجريب للحفاظ على الميزة التنافسية التي تحققها المؤسسة على منافسيها.
على الرغم من مزايا الإدارة الاستراتيجية التكيفية، إلا أنها تتطلب جهدًا وموارد وتوجيهًا أكبر من المطلوب في الإدارة الاستراتيجية الخطية، نظرًا لطبيعتها التي تتطلب بحثًا تنظيميًا عميقًا بصورة مستمرة.
3- الإدارة الاستراتيجية التفسيرية
على الرغم من أن نهج الإدارة الاستراتيجية التفسيرية لا يُستخدم بشكل شائع من قِبل المؤسسات، إلا أن البعض منها يحرص على تطبيقه نظرًا لأهميته في ضمان توافق المبادرات الجديدة مع الأهداف العامة للمؤسسة، لأنه ينطوي على استخدام رسالة المؤسسة وقيمها كإطار لاتخاذ القرارات، وبالتالي تعدل المؤسسة رسالتها بناءً على التغيرات في البيئتين الداخلية والخارجية، مما يجعل عملية اتخاذ القرار مستمرة وليست مسؤولية جامدة أو نمطية.
ما يميز نهج الإدارة الاستراتيجية التفسيرية أنه يعزز من قدرة المؤسسة على التكيف بناءً على رؤى مستمرة حول السوق واحتياجات العملاء والأداء، وهو ما يساعدها على اكتساب ميزة تنافسية، ولكن تكمن صعوبته في أنه يتطلب من مختلف الأطراف داخل المؤسسة التفاعل بطريقة تواصلية ومنظمة للغاية.
4- الإدارة الاستراتيجية التعبيرية
تُعد الإدارة الاستراتيجية التعبيرية النسخة المتطورة لكل من الإدارة الاستراتيجية التكيفية والتفسيرية، وهي تركز على وضع نهج استباقي يمكّن المؤسسات من التكيف مع التغيرات في البيئتين الداخلية والخارجية، مع العمل باستمرار على توضيح رسالة ورؤية المؤسسة والتواصل بشأنهما والتأكد من اتساقهما.
على الرغم من صعوبة تنفيذ الإدارة الاستراتيجية التعبيرية بفعالية، إلا أن المؤسسات التي تنجح في ذلك تصبح قادرة على الاستفادة من الاتجاهات الجديدة، مع الحفاظ على الرسالة والقيم والرؤية التي تقود أعمالها.
تتطلب الإدارة الاستراتيجية التعبيرية تواصل كامل بين أعضاء المؤسسة وأصحاب المصلحة، وهو نوع الإدارة الاستراتيجية الأمثل الذي تسعى معظم المؤسسات لتحقيقه عند تطبيق الإدارة الاستراتيجية.
5- الإدارة الاستراتيجية المتجاوزة
تُعد الإدارة الاستراتيجية المتجاوزة أعلى مستوى من مستويات الإدارة الاستراتيجية، وفيه تتجاوز المؤسسات النماذج التخطيطية التقليدية بعد نجاحها في تطبيق الأنواع الأربعة الأخرى والتعرف على مزايا وعيوب كل نوع، مما يساعدها على إنشاء استراتيجية فريدة ومتعددة الأبعاد تدمج نقاط القوة في كل من الأساليب الأربعة.
عندما تطبق المؤسسة الإدارة المتجاوزة، تكون قد ارتقت فوق البيئة الخارجية، لتعمل هي على تحديد شكل البيئة الخارجية بدلاً من أن تكون البيئة هي التي تحدد أفعالها، وذلك بفضل تمكّن المؤسسة من التكيف مع التحديات البيئية والتواصل بفعالية في صياغة رسالتها وتشكيلها.
اقرأ أيضًا: التخطيط الاستراتيجي - دليل شامل
وظائف الإدارة الاستراتيجية:
تطبق المؤسسات عملية الإدارة الاستراتيجية لأنها تقوم بالعديد من الوظائف التي تساعد على تحقيق الأهداف طويلة المدى، تشمل تلك الوظائف ما يلي:
1- تطوير استراتيجية العمل وتحديد رؤيتها
تلعب عملية الإدارة الاستراتيجية دورًا بارزًا في تحديد رؤية ورسالة المؤسسة ومن ثم تحديد الغرض من تأسيسها، ومن خلال هذه العملية تتمكن المؤسسة من صياغة استراتيجية توضح الإجراءات الواجب اتباعها لتخطيط نموها في المستقبل وبلوغ أهدافها على المدى الطويل.
2- تأكيد هوية العلامة التجارية للمؤسسة
تقوم الإدارة الاستراتيجية بوظيفة أساسية وهي التركيز على تعزيز العلامة التجارية للمؤسسة وحمايتها، من خلال التأكد من انعكاس هوية العلامة التجارية في الاستراتيجية، وكذلك في جميع العمليات الداخلية والخارجية، وهو ما يضمن انتشار تلك العلامة على نطاق واسع واعتراف السوق بها.
3- تحليل السوق والمنتجات
لن تتمكن أي مؤسسة من الحفاظ على حصتها السوقية واكتساب ميزة تنافسية، ما لم تكن قادرة على الابتكار المستمر في منتجاتها وخدماتها، وهنا يأتي دور الإدارة الاستراتيجية التي تستكشف مجالات جديدة غير مُستغلة في المنتجات والخدمات والأسواق الجغرافية، ثم تقيم ربحيتها حتى تحدد مدى جدوى الاستمرار في الاستثمار بها.
4- الرقابة على الأداء
تشمل الوظائف الأساسية التي تقوم بها الإدارة الاستراتيجية، الرقابة على أداء عناصر المؤسسة من أجل السيطرة على النتائج، إذ يتيح فحص الأداء وفقًا للأهداف والاستراتيجيات المحددة سلفًا تحديد المجالات التي تحدث فيها انحرافات سلبية، فعندما يوزع المديرون الموارد بناءً على الخطط لتحقيق الأهداف المحددة مسبقًا، يتم تقييم الإجراءات اللاحقة للتأكد من توافقها مع تلك الخطط، مما يساعد على بذل الجهود لتحسين الأداء عند حدوث أي انحراف.
5- تنسيق الوحدات التنظيمية
تعزز الإدارة الاستراتيجية من التعاون بين مختلف أقسام المؤسسة، إذ يتم تطوير الاستراتيجيات بعد جمع التغذية الراجعة من أكبر عدد ممكن من الأقسام، وبالتالي فهي تلعب دورًا في إزالة الحواجز بينها، وتعزيز توافق القرارات مع الرسالة المعلنة للمؤسسة.
6- التعديل والتخطيط
الهدف الأساسي من تنفيذ الإدارة الاستراتيجية، تطوير خطط تنظيمية طويلة المدى توجه مسارات المؤسسة، على سبيل المثال، يركز تحليل SWOT على تحديد التهديدات المحتملة والفرص الجديدة التي قد تؤثر على الأعمال القائمة، مما يتيح للمؤسسة تعديل مسار أدائها إذا كانت تسير في الاتجاه الخاطئ.
7- التخطيط الاستراتيجي
تعتمد المؤسسات على الإدارة الاستراتيجية في التخطيط للإجراءات المستقبلية، فمن خلاله تحدد الأهداف ثم تتخذ القرار بشأن الإجراءات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، والتفاصيل التي تساعد على تنفيذ الأنشطة بكفاءة، كما تعتمد على هذه العملية في توجيه صنع القرار وتحديد العمليات التجارية المتعثرة ومعالجتها، بما يضمن تحقيق النجاح طويل الأمد، ويمكّن المؤسسات من التكيف مع تغيرات السوق والحفاظ على مكانتها فيه.
اعرف أكثر عن: خطوات ومراحل التخطيط الاستراتيجي
8- تصميم الهياكل التنظيمية
تلعب عملية الإدارة الاستراتيجية دورًا محوريًا في تصميم الهياكل التنظيمية بالمؤسسة، فمن خلالها تبني المؤسسة إطارًا تحدد من خلالها الأشخاص الذين يمكنهم شغل مختلف المناصب وتوزيع المسؤوليات عليهم وفقًا لمهاراتهم وخبراتهم لأداء الوظائف الأساسية، مما يساعد على دعم خلق بيئة عمل منتجة.
9- إدارة المخاطر
تنطوي الإدارة الاستراتيجية على إجراء تحليل لنقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات، مما يمكن المؤسسة من التعرف على المخاطر المحتملة في بيئة الأعمال والعمليات الداخلية، ومن ثم تعمل على تطوير استراتيجيات التخفيف لإدارة هذه المخاطر وتقليلها إلى الحد الأدنى.
10- تحقيق ميزة تنافسية
من خلال أدوات التحليل الاستراتيجي مثل SWOT التي تحلل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات، تتمكن المؤسسة من فهم بيئتها التنافسية والاستراتيجيات التي تتبعها المؤسسات الأخرى لتحقيق التفوق، وبالتالي تنجح المؤسسة في بناء مزايا تنافسية والحفاظ عليها.
اختر القادة المناسبين لصناعة مستقبل شركتك مع صبّار
ندرك في صبّار للتوظيف أن نجاح أي مؤسسة يبدأ من الإدارة القادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية صائبة، لذلك نوفر لك خبراء الإدارة الذين يمتلكون المهارات القيادية والخبرة العملية لإدارة الفرق وتحقيق أهداف الشركة بكفاءة.
في صبّار تجد كل ما يلبي متطلباتك، من المديرين ذوي الخبرة السعوديين والأجانب، المؤهلين للعمل الفوري بدوام كامل أو جزئي، من المقر أو عن بُعد، فقط بادر بالتواصل معنا واحصل على قائمة بأفضل المرشحين وأكثرهم توافقًا مع احتياجاتك، لضمان توظيف سريع وفعال.
الخاتمة:
الإدارة الاستراتيجية هي العملية المستمرة التي تعتمدها المؤسسات لتخطيط وتحليل وتقييم مواردها وعملياتها بهدف تحقيق أهدافها طويلة المدى. تتضمن هذه العملية تحديد الأهداف، دراسة الوضع الحالي، صياغة الخطط، تطوير الاستراتيجيات، وقياس كفاءتها وتعديلها عند الحاجة لضمان التكيف مع بيئة العمل المتغيرة والحفاظ على ميزة تنافسية. كما توفر الإدارة الاستراتيجية إطارًا وهيكلًا واضحًا لتحسين الأداء العام للمؤسسة من خلال تقييم البيئة الداخلية والخارجية، تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات، وتخصيص الموارد بشكل أمثل لدعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية وتحقيق النجاح المستدام.
تنقسم الإدارة الاستراتيجية إلى عدة أنواع تتناسب مع طبيعة المؤسسة وسرعة تغير بيئتها، من الإدارة الخطية التقليدية إلى الإدارة المتجاوزة متعددة الأبعاد التي تجمع أفضل الممارسات. وتشمل وظائفها تطوير رؤية المؤسسة ورسالتها، تعزيز الهوية والعلامة التجارية، تحليل السوق والمنتجات، الرقابة على الأداء، تنسيق الوحدات التنظيمية، التخطيط والتعديل المستمر، تصميم الهياكل التنظيمية، إدارة المخاطر، وتحقيق ميزة تنافسية مستدامة. وتساعد هذه الممارسات المؤسسات على استقطاب أفضل الكفاءات الإدارية، تحفيز الفرق، وضمان تنفيذ الاستراتيجيات بنجاح لتحقيق أهدافها الطويلة المدى.
