إدارة الأداء في المؤسسات ليس مجرد إجراء إداري يقوم به قادة الفرق، بل هو بمثابة حجر الأساس لإرساء ثقافة عمل محفزة ومشجعة على النجاح، فعند تنفيذ هذه العملية بشكل صحيح، تتمكن المؤسسات من إدارة قوتها العاملة بكفاءة، نظرًا لأهميتها في تطوير أداء الموظفين، وتعزيز مهاراتهم التعليمية والمهنية، وضمان فهمهم لمسؤولياتهم وتزويدهم بتغذية راجعة بناءة، مما ينعكس بالإيجاب على عمليات المؤسسة ومستوى إنتاجيتها وقدرتها على بلوغ أهدافها، لذلك نناقش في هذا المقال تعريف إدارة الأداء ومراحلها وخطواتها.
إدارة الأداء:
إدارة الأداء هي النهج المنظم الذي تتبعه المؤسسات وفقًا لمجموعة من المعايير من أجل تقييم أداء الموظفين بما يتوافق مع أهداف العمل، فمن خلال هذه العملية المستمرة يتم تبادل الملاحظات بين المديرين والموظفين لمساعدة أعضاء الفريق على تحسين أدائهم اليومي في العمل، أو تعزيز مهاراتهم الأساسية، أو تحقيق تطور مستمر ذو معنى، أو تجاوز فترات انخفاض الأداء.
تشمل عملية إدارة الأداء تزويد الموظفين بالتغذية الراجعة والموارد اللازمة لتحقيق النجاح في أدوارهم، من خلال تحديد الأهداف، ومتابعة الموظفين بشكل دوري، ومراجعة المسؤوليات الوظيفية والتوقعات والأداء واستراتيجيات التطوير لكل موظف، وتقديم الملاحظات الفورية، وإجراء محادثات فردية وجماعية بناءة تساعد على تعزيز النمو الفردي لأعضاء الفريق.
يكمن الهدف من تنفيذ عملية إدارة الأداء في بناء فرق عمل عالية الأداء ذات مشاركة فعالة في تحقيق أهداف المؤسسة، والتأكد من أن الموظفين يؤدون مهامهم بكفاءة على مدار العام، ومساعدتهم في معالجة المشكلات التي قد تظهر خلال العمل وتؤثر على أدائهم بالسلب.
تفيد عملية إدارة الأداء في إنشاء حوارًا فعالًا بين الموظفين والمديرين، مما يساعد على تحسين العلاقات بينهم، إضافة إلى دورها في توحيد العمليات لضمان الاتساق، وإرساء ثقافة أداء قائمة على الدعم والشفافية، فضلًا عن أهميتها في اتخاذ قرارات المسار المهني بما في ذلك الترقيات والمكافآت وإنهاء الخدمة.
اقرأ أيضًا: تقييم الأداء الوظيفي
دورة إدارة الأداء:
تمر عملية إدارة الأداء بعدة مراحل رئيسية تبرز كيف تُنفذ هذه العملية بنجاح، تشمل تلك المراحل ما يلي:
1- مرحلة التخطيط
تُعد مرحلة التخطيط الأساس في دورة إدارة الأداء، ففيها يتم تحديد أهداف المؤسسة للفترة التي تغطي دورة إدارة الأداء، كما يتم تحديد أهداف الموظفين بالتعاون مع المديرين، وهي أهداف الأداء الفردية التي يجب أن تكون محددة، قابلة للقياس، قابلة للتحقيق، واقعية، ومحددة بزمن، حتى تمكّن الموظفين من تنمية مهاراتهم الحالية، واكتساب مهارات جديدة بما يتوافق مع أهداف المؤسسة.
وفي هذه المرحلة، توضع خطة تطوير شخصية خاصة بكل موظف، توضح ما ينقصه من مهارات ومعارف حتى يكتسبها ويتمكن من تحقيق الأهداف، وبالتالي تشمل هذه الخطة التدريب أو الإرشاد أو غير ذلك من الأنشطة التطويرية، مع مراعاة الأهداف المهنية للموظف.
خلال مرحلة التخطيط، لا بد من مراجعة أوصاف الوظائف وتحديثها بصورة مستمرة لتعكس مسؤوليات الموظف بوضوح، بما يضمن توافقها مع الأهداف المحددة، وتصبح تلك الأوصاف بمثابة الإطار الرسمي لتقييم الأداء.
2- مرحلة المتابعة
في مرحلة المتابعة، يقوم المديرون بمراقبة أداء الموظفين بانتظام ومقارنته بالأهداف المحددة، مع تقديم الملاحظات لهم بشأن التقدم المُحرز، وهو ما يتم عن طريق عقد اجتماعات دورية لمراقبة التقدم ومعالجة أي مشكلات في وقت مبكر، فضلًا عن التأكد من امتلاك الموظفين كل ما يحتاجونه من موارد ودعم لتحقيق أهدافهم وتمكينهم من أداء عملهم وفقًا للخطة الموضوعة.
3- مرحلة التطوير
في مرحلة التطوير، يستخدم المدير أو قائد الفريق البيانات التي حصل عليها من مرحلة المتابعة في تحسين أداء الموظفين، وقد يقترح توفير الدورات التدريبية، أو التدريبات الإضافية، أو تكليفهم بمهام تساعدهم على تحسين معارفهم وأدائهم في العمل.
كما يمكن تطوير أداء الموظف عن طريق تعديل مسار تطوير الموظف، أو تكليفه بمشاريع إضافية تطور أدائه ومعرفته، مما يمكنه من الحفاظ على مستوى تميزه.
اكتشف المزيد حول: تطوير الموظفين وكيفية عمل خطة تطوير للموظفين؟
4- مرحلة التقييم
في هذه المرحلة، يتم تقييم أداء الموظف بشكل شامل وبصورة منتظمة مرة أو مرتين في السنة، من أجل تحديد مستوى أدائه، وما إذا كان قد نجح في إضافة قيمة للمؤسسة، أو يحتاج إلى فرص للتحسين.
تتعدد أساليب تقييم الموظفين لتشمل: نظام التغذية الراجعة بزاوية 360 درجة، تعليقات الأقران، تقييمات المديرين، التقييم الذاتي.
اقرأ المزيد عن: تقييم الأداء الوظيفي السنوي والشهري للموظف وخطواته مكوناته ومعاييره
5- مرحلة المكافأة
مرحلة المكافأة هي آخر مراحل دورة إدارة الأداء، وفيها يتم الاعتراف بالأداء الجيد ومكافأته والاحتفال بالإنجازات، من خلال تقديم الشكر، أو الاعتراف الاجتماعي، أو عبر برنامج شامل لمكافأة الموظفين.
تعرف على: تقدير الموظف وكيفية تقدير الموظفين وأعمالهم
خطوات إدارة الأداء:
يقوم قائد الفريق أو قسم الموارد البشرية بتنفيذ عملية إدارة الأداء بشكل دوري منتظم عبر إنشاء نظام شامل يحقق النتائج المرجوة، يقوم على مجموعة من الخطوات تشمل ما يلي:
1- تحديد الأهداف والتوقعات الواضحة
الخطوة الأولى في عملية إدارة الأداء هي تحديد الأهداف الاستراتيجية التي يجب أن تتوافق مع أهداف المؤسسة، إذ يتعاون الموظفون مع المديرون في وضع الأهداف باستخدام إطار عمل SMART لضمان أن تكون الأهداف قابلة للتنفيذ، لتكون تلك الأهداف كما يلي:
- أهداف محددة: يجب تحديد ما هو مطلوب إنجازه بالضبط.
- أهداف قابلة للقياس: لا بد من استخدام مؤشرات أو مقاييس لتقييم الأداء وقياس النجاح.
- أهداف قابلة للتحقيق: يجب أن تكون الأهداف واقعية بناءً على الموارد والقيود المتاحة.
- أهداف ذات صلة: لا بد من توافق الأهداف مع أهداف الفريق والمؤسسة.
- أهداف محددة زمنيًا: يجب وضع مواعيد نهائية لإنجاز تلك الأهداف.
في كل الأحوال، يجب أن تعكس أهداف إدارة الأداء احتياجات العمل وقدرات الموظفين، وعندما يشارك فريق العمل في وضعها، يصبح أكثر التزامًا بتحقيقها، إذ يصبح لديهم إحساسًا بالاتجاه، مما يضمن أن تسهم جهودهم في تحقيق أولويات المؤسسة.
2- متابعة التقدم بشكل مستمر
بعد تحديد الأهداف، تأتي خطوة متابعة أداء فريق العمل لتحديد مدى تقدمه نحو الأهداف المحددة، ومعرفة التحديات التي تواجهه والعمل على معالجتها في الوقت المناسب، وهو ما يمكن تنفيذه من خلال عدة أساليب تشمل:
- عقد اجتماعات أسبوعية فردية لإجراء محادثات قصيرة حول ما تم إنجازه والعقبات الحالية.
- إجراء مراجعات عند نقاط الإنجاز لضمان وجود نقاط تحقق رسمية في المراحل الأساسية من المشروع.
- استخدام لوحات تحكم فورية من أجل تتبع المؤشرات والتقدم المُحرز بشكل مرئي.
لا يقتصر الهدف من متابعة التقدم على تتبع معدلات الإنجاز فحسب، بل يشمل أيضًا دعم أعضاء الفريق وتوفير الموارد والعمل على إزالة العقبات، مما يضمن إبقاء الموظفين متوافقين مع احتياجات المؤسسة المتغيرة، وبالتالي يمكنهم تحقيق الأهداف المحددة بكفاءة.
3- تقديم التغذية الراجعة المستمرة
يُعد تقديم التغذية الراجعة للموظفين حول أدائهم خطوة أساسية في عملية إدارة الأداء، إذ يعقد قائد الفريق جلسات مع الموظفين يشرح لهم كيف كان أدائهم خلال الفترة الماضية وما هي أهم الملاحظات حوله، كما يناقش معهم المشكلات والتحديات التي ظهرت، ويشير إلى سلوكيات أو نتائج معينة، كما يقدم توجيهات للتحسين المستقبلي.
وتفيد هذه الخطوة في تحسين الأداء، فعندما تقدم توجيهات محددة وفي الوقت المناسب، يمكن للموظفين تعديل أسلوبهم وتطوير مهارات جديدة بشكل مستمر.
4- تطوير المهارات
في هذه الخطوة، يجب توفير التدريب، والتوجيه، والإرشاد المهني للموظفين، حتى يتسنى لهم تنمية مهاراتهم وقدراتهم، فضلًا عن تكليفهم بمهام إضافية توسع من مهاراتهم وتدعم نموهم المهني، بما يمكنهم من تحقيق أهدافهم المهنية.
لا تقتصر فوائد هذه الخطوة على مساعدة الموظفين على التطوير المهني فحسب، بل تتجلى أهميتها في تعزيز الروح المعنوية للموظفين، وزيادة رضاهم الوظيفي، ومستوى إنتاجيتهم، وشعورهم بدعم المؤسسة في رحلة نموهم المهني، مما ينعكس بشكل إيجابي على نجاح المؤسسة ككل.
5- إجراء مراجعات الأداء
في خطوة مراجعات الأداء، يتم قياس أداء الموظف مقارنة بمؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) والأهداف المحددة مسبقًا، وهناك عدة أدوات يمكن استخدامها في مراجعة الأداء مثل تغذية الراجعة بزاوية 360 درجة تساعد على تقديم رؤية شاملة حول إنجازات الموظفين ومجالات التحسين.
بناءً على نتائج مراجعات الأداء، يمكن تحديد أصحاب الأداء المتميز ليتم تكريمهم ومكافأتهم على إنجازاتهم، وكذلك تحديد الموظفين الذين يحتاجون إلى فرص للتطوير والنمو، فضلًا عن التخطيط المستقبلي ووضع أولويات للفترة المُقبلة، مما يضمن بقاء الموظفين متحمسين ومتوافقين مع معايير المؤسسة.
6- مكافأة فريق العمل
لا بد من ربط نتائج الأداء بتقدير الموظفين ومنحهم فرص النمو المطلوبة من أجل تحفيزهم على الاستمرار في تقديم أفضل أداء وتحقيق التميز، وتتعدد أساليب مكافأة الموظفين أبرزها:
- تقديم المكافآت المالية المرتبطة بالأداء مثل العلاوات أو الزيادات في الرواتب.
- تقديم حوافز غير مالية مثل الترقيات أو توسيع نطاق المسؤوليات أو التقدير العلني.
- توفير فرص التدريب والتطوير لتنمية مهارات ومعارف الموظفين.
- الاعتراف بجهود الفريق والاحتفال بالإنجازات.
تفيد مكافأة فريق العمل في رفع الروح المعنوية للموظفين وتعزيز مشاركتهم في العمل وتشجيعهم على تقديم المزيد، كما أن ربط المكافآت بأهداف المؤسسة يضمن توافق الأداء مع الأهداف العامة على نحو مستمر.
7- إعادة التخطيط للتحسين المستمر
وهي الخطوة الأخيرة في عملية إدارة الأداء، إذ يقوم قائد الفريق بمراجعة العملية بالكامل من أجل استخلاص الدروس وإجراء تحسينات مستقبلية، وقد ينتج عن هذه الخطوة إجراء تعديلات على الأهداف ومؤشرات الأداء الرئيسية لتصبح أكثر توافقًا مع أولويات العمل المتغيرة، وبالتالي تستند المؤسسة على تلك التعديلات في عملية إدارة الأداء التالية.
يمكنك الاطلاع على: نموذج تقييم الأداء الوظيفي
صبّار شريكك الاستراتيجي في بناء فريق عمل مثالي
نحن في صبّار لا نكتفي بتعبئة شواغرك، بل نبحث عن المواهب التي تخلق قيمة حقيقية لشركتك، إذ نساعدك على اختيار الكفاءات والمواهب المناسبة في جميع التخصصات، لتتمكن من بناء فريقًا متكاملًا يرفع كفاءة عملك ويحقق أهدافك بأعلى مستويات الأداء.
تمتلك صبّار شبكة واسعة من المرشحين المؤهلين السعوديين والأجانب، المتاحين للعمل فورًا بدوام كامل أو جزئي، من المقر أو أون لاين، نختار لك أسمائهم بواسطة الذكاء الاصطناعي، لتضمن عملية توظيف دقيقة وسريعة.

الخاتمة:
إدارة الأداء هي عملية استراتيجية تهدف إلى متابعة وتقييم وتطوير أداء الموظفين بما يحقق أهداف المؤسسة العامة. تقوم هذه العملية على التواصل المستمر بين المديرين والموظفين من خلال وضع أهداف واضحة، وتقديم تغذية راجعة بنّاءة، وتوفير الموارد والتدريب اللازمين لتحسين الكفاءة وتعزيز المهارات.
تسهم إدارة الأداء في بناء بيئة عمل قائمة على الدعم والشفافية، وتشجع على تطوير العلاقات بين الموظفين والإدارة، كما تساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الترقيات والمكافآت وتنمية المسار المهني.
تمر إدارة الأداء بعدة مراحل تبدأ بالتخطيط لتحديد الأهداف والمعايير، ثم المتابعة المستمرة لمراقبة التقدم، يليها التطوير لتزويد الموظفين بالتدريب والإرشاد اللازمين لتحسين أدائهم. بعد ذلك تأتي مرحلة التقييم لتحديد مدى تحقيق الأهداف، ثم مرحلة المكافأة للاعتراف بالإنجازات وتحفيز العاملين.
وأخيرًا، تُراجع العملية بالكامل لإجراء تحسينات مستقبلية تضمن استمرارية الأداء المتميز. ومن خلال هذه الدورة المتكاملة، يمكن للمؤسسات بناء فرق عمل عالية الكفاءة قادرة على تحقيق نتائج ملموسة تدعم النمو والاستدامة.










