إدارة المشتريات تزداد أهميتها يومًا بعد الآخر، خاصة في ظل توسع الأعمال ونموها واحتياج المؤسسات إلى أدوات وأنظمة معقدة تساعد على التحكم في التكاليف، وبناء علاقات فعالة مع الموردين، وتطوير العمليات بسرعة لمواكبة العالم المتغير والحفاظ على قوة الإيرادات، وبالتالي يمكن اعتبار إدارة المشتريات بمثابة النظام المتكامل الذي يساعد المؤسسات على النمو بثبات، الأمر الذي يفرض على أصحاب الأعمال فهم أساسياتها واستخدام الأدوات المناسبة فيها، وفي هذا المقال نوضح ما هي إدارة المشتريات وخطواتها.
إدارة المشتريات:
إدارة المشتريات هي العملية الاستراتيجية التي تنفذها المؤسسات للحصول على السلع والخدمات التي تحتاج إليها في إنجاز عملياتها عن طريق شرائها أو تأجيرها أو التعاقد مع مورد خارجي، فمن خلالها تختار المؤسسة المنتجات والخدمات بجودة عالية، ومصادر الحصول عليها، وذلك وفقًا للجدول الزمني الموضوع، والميزانية المحددة، وذلك بهدف شراء العناصر المطلوبة بأفضل تكلفة ممكنة، وتحسين كفاءتها التشغيلية، وبناء علاقات قوية وفعالة مع الموردين، وإدارة المخاطر بكفاءة.
يوجد في المؤسسات قسمًا خاصًا بالمشتريات يُسمى إدارة المشتريات، يتولى تنفيذ مجموعة من المهام مثل: إصدار أوامر الشراء، اختيار الموردين وإدارة العلاقات معهم، تحديد شروط التسعير، إعداد العقود الدائمة، شراء الخدمات والسلع، التخلص من المعدات غير الضرورية، تقييم المخاطر، وغير ذلك من المهام، واعتمادًا على حجم المؤسسة قد تنقسم هذه الإدارة إلى أقسام منفصلة مثل إدارة التوريد وإدارة سلسلة الإمداد.
تتضمن عملية إدارة المشتريات مجموعة من الأنشطة تشمل: التخطيط الاستراتيجي، تحليل السوق، تحديد احتياجات المشروع، تقييم الموردين، التفاوض على العقود، متابعة الأداء، وبالتالي لا تقتصر هذه العملية على عمليات الشراء البسيطة فحسب، بل تشمل إدارة العلاقات مع الموردين بشكل شامل، ووضع الاستراتيجيات للحد من المخاطر، وبالتالي فهي تركز على خلق قيمة وتحقيق فوائد على المدى الطويل.
إدارة المشتريات الفعالة هي التي تمكّن المؤسسات من العثور على أفضل الموردين وأكثرهم موثوقية، وشراء المنتجات بأعلى جودة وأفضل سعر، وتجنب التأخير، وتعزيز التحكم في الإنفاق.
اقرأ أيضًا: الوصف الوظيفي لمسؤول المشتريات Procurement Officer وأهم المهام والمهارات
إدارة المشتريات والمخازن:
تُعد إدارة المشتريات والمخازن من أهم عناصر سلسلة الإمداد لأي مؤسسة، ومن خلال عملهما معًا، يمكن تحديد نوع وكميات المواد الخام أو المنتجات الواجب توافرها من أجل تلبية الطلبات، فعن طريق إدارة المشتريات تنجح المؤسسة في العثور على الموردين المناسبين لشراء السلع المطلوبة بأفضل سعر وجودة ممكنين، أما إدارة المخازن فهي العملية التي تهتم بتنظيم وتخزين المواد والمستلزمات التي تم شراؤها بطريقة تضمن سهولة الوصول إليها، والحفاظ على جودتها، ومنع الفاقد أو التلف.
والعلاقة بين المشتريات والمخازن وثيقة للغاية، إذ لا تنجح عملية الشراء دون وجود بيانات دقيقة من المخازن حول الكميات المتوفرة والمطلوبة، أما المخازن فهي تعتمد على المشتريات في تجديد المخزون عند الحاجة.
ويكمن الهدف من إدارة المشتريات والمخزون في تمكين المؤسسات من الحصول على المنتجات والخدمات بطريقة فعالة اقتصاديًا، من خلال خفض مستويات المخزون والتخلص من الفائض، مع ضمان توفر الكمية المناسبة من المنتجات والسلع في الوقت المناسب لتلبية احتياجات العملاء، لذلك يساعد التكامل بين الإدارتين على تعزيز كفاءة التشغيل، خفض التكاليف، وتحسين جودة الخدمة أو الإنتاج.
تعرف على: الوصف الوظيفي لمدير المشتريات Procurement Manager وأهم المهام والمهارات
خطوات إدارة المشتريات:
تتبع عملية إدارة المشتريات نهجًا منهجيًا يمكّن المؤسسات من الحصول على احتياجاتها من السلع والخدمات ذات القيمة العالية بأفضل سعر ممكن، إذ يتكون هذا النهج من عدة خطوات منظمة تشمل ما يلي:
1- تحديد احتياجات العمل
دومًا ما تبدأ عملية إدارة المشتريات بإدراك المؤسسات احتياجات عملياتها، إذ ينبغي أن تحدد ما الذي تحتاج إلى شرائه من سلع وخدمات، ومتى يجب أن تحصل عليها، وما هي أهميتها، حتى تحصل على رؤية واضحة حول جميع التكاليف المطلوبة.
تتطلب هذه الخطوة إجراء تحليلًا شاملًا لجميع الاحتياجات، وإجراء المناقشات مع أصحاب المصلحة في مختلف الأقسام لمعرفة المتطلبات التفصيلية التي يجب أن تتوافق وأهداف العمل، وهنا يأتي دور الأقسام التي يتعين عليها توثيق ما تحتاجه وتحديد المشكلة الأساسية في العمل التي يسعون لحلها من خلال المنتج أو الخدمة.
يكمن الهدف الأساسي من تحديد احتياجات العمل في التركيز على أن هناك موارد أو أدوات ناقصة لإنجاز العمل على النحو المطلوب، وهو الأساس الذي تُبنى عليه عملية إدارة المشتريات بالكامل.
2- وضع متطلبات واضحة
بعد تحديد احتياجات المؤسسة من السلع والخدمات، يجب تحديد مواصفات تلك الاحتياجات بدقة وهي تشمل المواصفات الفنية، ومعايير الجودة، والمعايير المالية، ومواعيد التسليم، ويجب أن تكون تلك المتطلبات محددة وقابلة للقياس، مع توثيقها بوضوح لتجنب سوء الفهم، وحتى يكون لدى الموردين صورة كاملة حول ما هو مطلوب بالضبط، مما يمكنهم من تقديم عروض دقيقة.
تتمثل المواصفات الأساسية التي يجب أن تحددها المؤسسة عند طلب المنتج في: اللون، التغليف، الحجم، الوزن، الأبعاد، وغير ذلك من المواصفات التي تجعل هذه العملية أكثر سهولة.
العديد من المؤسسات تولي اهتمامًا خاصًا بسعر الشراء الأولي عند تحديد مواصفات السلع والمنتجات، ولكن هناك عوامل أخرى لا ينبغي إغفالها مثل المواصفات الوظيفية ومعايير الأداء، إمكانيات التكامل، قابلية التوسع، ومتطلبات الدعم، والتكلفة الإجمالية للملكية.
3- البحث عن الموردين
في هذه الخطوة، يبدأ قسم إدارة المشتريات في إجراء بحث شامل عن الموردين المتاحين في السوق لتحديد الموردين المحتملين وتقييم قدراتهم وسمعتهم واستقرارهم المالي بشكل أولي، مع تقييم مدى توافقهم ثقافيًا مع قيم وأسلوب عمل المؤسسة، وهي خطوة بالغة الأهمية، لأن اختيار المورد الخاطئ قد يولد العديد من التحديات التي تعرقل عمليات المؤسسة.
هناك عدة عوامل ينبغي وضعها في الاعتبار عند تقييم الموردين وهي: الالتزامات التعاقدية، سهولة التواصل، المعايير الأخلاقية، مستوى المسؤولية، التكاليف والأسعار، قدرات الإنتاج، وغير ذلك من العوامل التي تحددها احتياجات العمل.
لضمان اختيار المورد المناسب، لا بد من التحقق من مراجع الموردين، ومراجعة شهاداتهم، وتقييم سجلهم في المشاريع المشابهة، مع إنشاء سجل تفصيلي خاص بكل مورد يتضمن تقييمات نوعية ومقاييس كمية دقيقة.
4- التفاوض على الشروط
بعد تقييم الموردين والاستقرار على المورد المناسب، تأتي خطوة التفاوض وإبرام العقود، وهي خطوة بالغة الأهمية لأنها تلعب دورًا في نجاح العلاقة بين المورد والمؤسسة أو فشلها، لذلك يتعين على المؤسسة ممثلة في إدارة المشتريات التفاوض على شروط العقد بما يحقق مصالحها، مع التركيز على بناء علاقة فعالة ومستدامة مع المورد.
عند إبرام العقد مع المورد، يجب مراعاة مجموعة من العناصر المهمة وهي: التسعير، شروط التسليم، إجراءات التشغيل القياسية، مستويات الخدمة، معايير الجودة، توزيع المخاطر، متطلبات مراقبة الأداء، إجراءات إدارة التغييرات، آليات تسوية النزاعات، مع التأكد من احتواء العقد على بنودًا خاصة بإنهاء التعاقد وحماية الملكية الفكرية.
عند تنفيذ هذه الخطوة، يُفضل أن تفاضل المؤسسة بين ثلاث موردين مختلفين على الأقل قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن الأنسب، وألا توافق على أول عرض متاح.
5- إصدار أمر الشراء
تتمثل الخطوة التالية في قيام المؤسسة بإصدار أمر شراء السلع والخدمات من المورد بشكل رسمي أي من البائع إلى المشتري، ويجب أن يتضمن هذا الأمر مجموعة من العناصر الأساسية وهي: رقم أمر الشراء، وصف السلع أو الخدمات، مواصفات المنتج، الكمية المطلوبة، الأسعار والتكاليف، سير الموافقات، الشروط والأحكام، جميع الالتزامات الإضافية.
قبل توجيه أمر الشراء رسميًا، لا بد من مراجعته جيدًا للتأكد من خلوه من أي أخطاء، ومن تطابقه لشروط التفاوض، واحتوائه على جميع التفاصيل اللازمة لتمكين المورد من تنفيذ الطلب بدقة، كما يجب إرسال الأمر إلى قسم المالية بالمؤسسة للتأكد من أنه ضمن الميزانية المعتمدة حتى يتسنى له تخصيص الأموال اللازمة.
عند الموافقة على أمر الشراء، يتم إرساله إلى المورد غالبًا عبر البريد الإلكتروني، ليبدأ بتجهيز الطلب وترتيب الدفع.
6- معالجة الفواتير
بعد إرسال أمر الشراء إلى المورد، تصدر المؤسسة فاتورة تتضمن تفاصيل الطلب والسعر المتفق عليه والتعليمات الخاصة بعملية الدفع، مع وجود فترة زمنية محددة للسداد قد تستمر لمدة 30 يومًا بعد استلام المؤسسة الطلب، وهناك بعض العقود التي تنص بنودها على ضرورة سداد الفواتير فور استلامها حتى قبل استلام المنتجات أو الخدمات فعليًا.
في كل الأحوال، فإن نهج الدفع الأمثل هو سداد الفواتير فور استلامها، لأن تأجيل الدفع قد يترتب عليه تأخيرات يؤدي إلى حدوث مشكلات في وقت لاحق، كما أن الدفع الفوري يضمن أن المورد قد حصل على مستحقاته في الوقت المحدد، وهو ما يساعد في بناء علاقة إيجابية بين الطرفين قائمة على الثقة والالتزام.
7- التسليم ومراجعة الطلب
في هذه الخطوة، يتم تنفيذ أمر الشراء فعليًا من خلال استلام المؤسسة السلع أو الخدمات وفقًا لطريقة التسليم المحددة مسبقًا، ثم تتم مقارنة تاريخ تسليم الطلب بتاريخ الطلب الأصلي للتأكد من التزام المورد بشرط الاتفاق الخاص بمواعيد التسليم.
عند استلام الطلب، تتأكد المؤسسة من أن جميع المنتجات المُستلمة متطابقة مع الفاتورة وأمر الطلب، وفي حال اكتشاف أي خطأ أو نقص، ينبغي التواصل مع المورد في الحال، لتجنب وقوع مشكلات نتيجة الأخطاء في المنتجات.
بعد فحص الطلب جيدًا، تختار المؤسسة قبوله أو رفض استلامه وفقًا لنتائج الفحص، وإذا قبلت الطلب فهذا يعني موافقتها على الالتزام بالدفع، وإذا كانت المنتجات غير مطابقة للمواصفات أو أقل من مستوى الجودة المطلوب، فيجوز رفضها.
8- الموافقة على الفاتورة والدفع
إذا قبلت المؤسسة استلام الطلب، يتعين عليها القيام بما يُعرف باسم "مطابقة أمر الشراء" وفيها يتم مطابقة إيصال الشحن وأمر الشراء مع الفاتورة، إذ لا تتم عملية الشراء بشكل كامل دون تأكيد هذه المستندات والاتفاق عليها من قبل كل من المستلم والمورد.
عند دفع قيمة الطلب، يمكن الاختيار من بين طرق الدفع الشائعة وهي: التحويلات البنكية، بطاقات الائتمان أو الخصم، الشيكات، التحويلات الإلكترونية.
9- الحفاظ على سجلات الشراء
بعد إتمام عملية الشراء، يجب أن تحتفظ المؤسسة بجميع السجلات الخاصة بها، لاستخدامها عند إجراء التدقيق المالي، لأنها توضح حجم الإنفاق خلال فترة معينة، وهو ما يمكن الاستفادة منه عند وضع الميزانيات مستقبلًا، كما تستعين المؤسسة بتلك المستندات في عمليات الشراء المستقبلية، مثل حالات إعادة الطلب. وعند حدوث ذلك، تبدأ دورة الشراء من جديد.
10- الإغلاق والمراجعة
تنتهي عملية إدارة المشتريات بإكمال إغلاق العقود، وإجراء التقييمات النهائية، وتسجيل الملاحظات للاستفادة منها في عمليات الشراء مستقبلًا، إذ يتم تحديد ما تم تنفيذه بنجاح وما يحتاج إلى تحسين، وهو ما يتطلب الاستعانة بآراء وملاحظات جميع أصحاب المصلحة المشاركين في عملية الشراء.
اطلع على: التدرج الوظيفي لقسم المشتريات
كوّن فريق المشتريات المثالي مع صبّار
هل تبحث عن فريق مشتريات قادر على تحقيق التوازن بين الجودة والتكلفة؟ مع صبّار يمكنك العثور على أفضل الكفاءات في مجال إدارة المشتريات، ممن يجيدون التفاوض، ويُحسنون اختيار الموردين، ويقلّصون التكاليف بذكاء، ليصنعوا الفارق في أدائك المالي والتشغيلي.
تربطك صبّار بالمتخصصين في إدارة المشتريات من أصحاب المواهب السعوديين والأجانب، المؤهلين للعمل فورًا بدوام كامل أو جزئي، من المقر أو عن بُعد، بادر بالتواصل معنا ووضح لنا احتياجاتك لنساعدك على سد شواغرك الوظيفية في وقت قياسي وبدقة واحترافية.

الخاتمة:
تُعد إدارة المشتريات من العمليات الحيوية داخل المؤسسات، إذ تهدف إلى تأمين احتياجات العمل من السلع والخدمات بأفضل جودة وأقل تكلفة ممكنة، سواء من خلال الشراء أو التأجير أو التعاقد مع موردين خارجيين. وتشمل مهامها تحليل الاحتياجات، اختيار الموردين،
التفاوض على الأسعار والشروط، وإبرام العقود، مع التركيز على بناء علاقات طويلة الأمد قائمة على الثقة والكفاءة. كما تساعد الإدارة الفعالة للمشتريات على تحسين الأداء التشغيلي للمؤسسة، وترشيد الإنفاق، وتقليل المخاطر عبر التخطيط المسبق والتقييم المستمر للموردين والعمليات.
أما إدارة المشتريات والمخازن معًا فتمثلان محورًا أساسيًا في سلسلة الإمداد داخل أي مؤسسة، حيث تتولى المشتريات مسؤولية توفير المواد المطلوبة في الوقت المناسب وبأعلى جودة، بينما تتولى إدارة المخازن تنظيم وتخزين تلك المواد بما يضمن الحفاظ عليها وسهولة الوصول إليها عند الحاجة. ويساهم التكامل بين الإدارتين في تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وخفض التكاليف التشغيلية، وضمان استمرارية الإنتاج أو الخدمة دون تأخير. ومن خلال هذا التنسيق الدقيق، تتمكن المؤسسات من تحسين كفاءتها الإجمالية وتحقيق أقصى قيمة ممكنة من مواردها.











