حوكمة الموارد البشرية عنصرًا لا غنى عنه لضمان التعامل مع المشهد المعقد للموارد البشرية، ففي ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها بيئات الأعمال اليوم، أصبحت المؤسسات بحاجة إلى أطر تنظيمية فعالة تضمن كفاءة الأداء، وتحقيق العدالة، والامتثال للأنظمة.
وهنا تبرز أهمية حوكمة الموارد البشرية، التي تُعد بمثابة البوصلة الموجهة لمسار إدارة رأس المال البشري في المؤسسات بفعالية وشفافية، بما يحقق التوازن بين مصلحة المؤسسة وحقوق الموظفين، وفي هذا المقال نوضح ما هي حوكمة الموارد البشرية وعناصرها وكيفية تنفيذها وأهميتها.
حوكمة الموارد البشرية:
يشير مصطلح حوكمة الموارد البشرية إلى مجموعة السياسات والممارسات والهياكل التي توجه وتنظم إدارة الموارد البشرية في المؤسسة، وتتضمن تبني ممارسات أخلاقية وشفافة تعزز التنوع والمساواة والشمول داخل بيئة العمل، وبالتالي فهي تركز على تطبيق الممارسات الأخلاقية عبر دورة حياة الموظف.
والحوكمة الجيدة في الموارد البشرية هي التي تعتمد على تعزيز مبادئ الشفافية، والمساءلة، والعدالة في ممارسات إدارة الموارد البشرية داخل المؤسسة، من خلال وضع قواعد واضحة للسلطة والمسؤولية والمساءلة في جميع وظائف الموارد البشرية، بما في ذلك التوظيف، والتدريب والتطوير، وإدارة الأداء، والتعويضات، والاحتفاظ بالموظفين.
ويعتمد نجاح المؤسسات بشكل أساسي على حوكمة الموارد البشرية، لأنها تضمن إدارة القوى العاملة بكفاءة وفعالية، والامتثال للمعايير القانونية والأخلاقية، من خلال فهم المتطلبات القانونية والتنظيمية وأفضل الممارسات في الصناعة.
تواصل مع صبّار ووظف مدير موارد بشرية يمتلك خبرة عملية في تقليل معدل دوران الموظفين،، وتأسيس نظم داخلية واضحة تُبقي الجميع على المسار الصحيح.

عناصر حوكمة الموارد البشرية:
تتكون حوكمة الموارد البشرية من عنصران أساسيان يعملان جنبًا إلى جنب لتشكيل إطار شامل يعالج التفاصيل اليومية لإدارة الموارد البشرية، ويضمن توافق أهداف الموظفين مع الأهداف العامة للمؤسسة، وهذان العنصران هما:
1- العنصر الاستراتيجي
يُعد العنصر الاستراتيجي بمثابة القوة التي توجه ممارسات الموارد البشرية، لضمان مواءمة تلك الممارسات مع أهداف المؤسسة، ويركز على فكرة أساسية مفادها أن القوى العاملة أحد الأصول الاستراتيجية ومحركًا رئيسيًا لنجاح المؤسسة، وتشمل ممارسات العنصر الاستراتيجي ما يلي:
تخطيط القوى العاملة
يشير تخطيط القوى العاملة إلى التنبؤ باحتياجات المؤسسة المستقبلية من الكفاءات، وهي العملية التي ينفذها قسم الموارد البشرية من خلال فهم واقع العمل، واتجاهات الصناعة، ومن ثم توقع المهارات المطلوبة، وذلك استنادًا إلى أهداف المؤسسة طويلة المدى.
وعند مواءمة استراتيجيات الموارد البشرية مع أهداف المؤسسة، يضمن أصحاب الأعمال وجود الموظفين المناسبين في المناصب المناسبة وفي الوقت المناسب.
اقرأ أيضًا:العوامل المؤثرة في تخطيط الموارد البشرية
إدارة وتطوير الموظفين
لا يركز هذا العنصر على التوظيف فحسب؛ بل يتجاوز تلك العملية ليشمل الإدارة الشاملة للمواهب وتطويرها، إذ يتم تنفيذ مجموعة من المبادرات والاستراتيجيات التي تؤمن احتياجات المؤسسة من المواهب والكفاءات، مثل التخطيط للتعاقب الوظيفي، وتطوير القيادات، والمبادرات التي تعزز ثقافة التعلم المستمر، وهو ما يؤدي إلى دفع نمو المؤسسة دون توقف.
تعرف على:تدريب الموظفين: كيف يتم تطوير وتدريب الموظفين
مؤشرات وأدوات التحليل الاستراتيجي للموارد البشرية
هناك العديد من المؤشرات المتقدمة وأدوات التحليل التي تستخدمها المؤسسات في تقييم فعالية استراتيجيات الموارد البشرية، يشمل ذلك تتبع مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) مثل إنتاجية الموظفين، والاحتفاظ بالموظفين، ومعدلات التفاعل.
كما أن أدوات التحليل التي تُستخدم في تحليل البيانات، تساهم في توفير رؤى قيمة تدعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية وتعزز التحسين المستمر.
تحتوي صبّار على عدد هائل من وظائف الموارد البشرية المتاحة في أفضل المؤسسات داخل المملكة، وتلبي توقعاتك وطموحك المهني.
2- العنصر التشغيلي
بينما يُعد العنصر الاستراتيجي هو المحدد للاتجاه العام، فإن العنصر التشغيلي هو الذي يحدد الآلية التي تضمن تنفيذ السياسات والممارسات داخل المؤسسة بسلاسة، لأنه المحرك الذي يقوم بتشغيل وظائف الموارد البشرية بشكل يومي، مع الحفاظ على الامتثال والعدالة والكفاءة في مختلف مراحل دورة حياة الموظف، ويتكون هذا العنصر من:
تطوير السياسات وتنفيذها
تتضمن حوكمة الموارد البشرية صياغة السياسات التي تعتمد عليها المؤسسة في تنفيذ عمليات متعددة مثل التوظيف، والتعويضات، والمزايا، وإدارة الأداء، وعلاقات الموظفين، إلى جانب تحديد آلية تنفيذ تلك السياسات بشكل عادل على جميع المستويات داخل المؤسسة.
الامتثال القانوني
هناك علاقة وثيقة بين الجانب التشغيلي من حوكمة الموارد البشرية والامتثال القانوني، إذ يتعين على مسؤولي الموارد البشرية البقاء مطلعين على قوانين العمل واللوائح والمعايير المعتمدة في الصناعة، لمواكبة جميع مستجداتها، والتأكد من التزام المؤسسة بتلك القوانين واللوائح وتكيفها معها.
كفاءة العمليات التشغيلية للموارد البشرية
من الركائز الأساسية للعنصر التشغيلي، كفاءة عمليات الموارد البشرية، التي تشمل التوظيف والاستقالة، ومعالجة كشوف الرواتب، وتقييم الأداء، إذ يعود سبب تلك الكفاءة إلى استخدام قنوات تواصل واضحة وتطبيق الحلول التكنولوجية وتوحيد سير العمل.
ركائز حوكمة الموارد البشرية:
تعتمد الحوكمة الجيدة للموارد البشرية على أربعة ركائز أساسية تضمن تشكيل ثقافة الإدارة الفعالة للموارد البشرية، تشمل تلك الركائز ما يلي:
1- تطوير السياسات وتنفيذها
تتمثل هذه الركيزة في الاستناد إلى قيم المؤسسة ورسالتها عند صياغة السياسات المُتبعة في عمليات الموارد البشرية، وهو ما يضمن تطور السياسات جنبًا إلى جنب مع بيئة الأعمال، وبالتالي تتكيف مع التحديات والفرص الجديدة.
2- إدارة المخاطر
تشير هذه الركيزة إلى النهج الاستباقي الذي تتبناه المؤسسة في مواجهة التحديات المحتملة، وتوقع التغيرات في البيئة التنظيمية، مما يساهم في تقليل المخاطر، وتعزيز قدرة قسم الموارد البشرية على تجنب المخاطر المحتملة، ومسايرة حالات عدم اليقين.
3- الامتثال والأخلاقيات
تعكس هذه الركيزة التزام المؤسسة بالسلوك الأخلاقي، وتوضح أهمية النزاهة والشفافية والمسؤولية الاجتماعية، وهو ما يتجلى في ممارسات الموارد البشرية التي تحافظ على الاعتبارات الأخلاقية، مما يؤدي إلى تعزيز سمعة المؤسسة وكسبها ثقة واحترام موظفيها وأصحاب المصلحة.
4- مراقبة الأداء والتحسين المستمر
تضمن الحوكمة الفعالة للموارد البشرية بناء ثقافة يكون فيها التحسين المستمر أسلوب حياة وليس مجرد شعار، وبالتالي تعمل المؤسسات على تنفيذ برامج إدارة الأداء لتقييم أداء الموظفين وتقديم التغذية الراجعة، وتشجيعهم على التعلم من النجاحات والإخفاقات، وتعليمهم كيفية التكيف السريع مع التغييرات، بما يضمن استمرار الأداء العالي داخل المؤسسة.
من خلال صبّار يمكنك تعيين أخصائي عمليات موارد بشرية يرفع من كفاءة فريق العمل، ويقلل التكاليف، ويضمن التزام الموظفين بالنظام.

كيفية تنفيذ حوكمة الموارد البشرية:
يتطلب تطبيق حوكمة فعالة في الموارد البشرية اتباع نهج استراتيجي دقيق يتضمن تنفيذ مجموعة من الخطوات التي تعزز من الحوكمة الجيدة في هذا المجال، تشمل ما يلي:
1- وضع سياسات واضحة
أول ما يتعين على المؤسسات تنفيذه هو صياغة سياسات موارد بشرية واضحة وشاملة، وتوصيلها لجميع الموظفين والتأكد من أنهم قد أدركوها وفهموها جيدًا، حتى تكون تلك السياسات بمثابة الإطار الذي ينظم تفاعلهم مع المؤسسة، مع ضرورة إجراء مراجعات دورية وتحديثات منتظمة على تلك السياسات لضمان توافقها مع التغييرات في احتياجات المؤسسة، وكذلك تغيرات العوامل الخارجية.
2- التدريب والتطوير المستمر
يُعد الاستثمار في تدريب وتطوير موظفي قسم الموارد البشرية بشكل مستمر أمرًا بالغ الأهمية في ظل التغيرات الدائمة التي تشهدها بيئة الموارد البشرية من حيث القوانين والتقنيات وأفضل الممارسات، إذ يضمن هذا التدريب مواكبة الموظفين لتطورات ومستجدات المجال، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة التي تمكّنهم من اتخاذ قرارات مدروسة.
3- خلق ثقافة الامتثال
لا تقتصر الحوكمة الفعالة للموارد البشرية على تطبيق السياسات فحسب؛ بل تشمل أيضًا ترسيخ ثقافة الامتثال في جميع أنحاء المؤسسة، وهو ما يتطلب التزام المؤسسة بلوائح وقوانين العمل، وغرس ثقافة المسؤولية الأخلاقية في الموظفين، مع التدريب المستمر على قضايا الامتثال حتى تصبح الممارسات الأخلاقية جزءًا لا يتجزأ من العمل اليومي.
4- إدارة المخاطر بكفاءة
لن تتمكن المؤسسات من حوكمة الموارد البشرية بكفاءة دون أن تكون قادرة على التنبؤ بالمخاطر ومعالجتها بشكل استباقي، وهو ما يتطلب قيامها بتطوير استراتيجيات فعالة لإدارة المخاطر، تشمل تحديد المخاطر المحتملة، وتقييم تأثيرها، ووضع استراتيجيات للحد منها، مع تعزيز ثقافة الوعي بالمخاطر، ومتابعة التغييرات القانونية، وإجراء تدقيقات دورية.
5- مراقبة الأداء
تتطلب الحوكمة الجيدة للموارد البشرية، مراقبة جميع عمليات الموارد البشرية بصورة دورية من أجل تحديد مجالات التحسين وإجراء التعديلات اللازمة، والتعاون مع الموظفين وأصحاب المصلحة وجمع الملاحظات منهم لاستخدامها في تطوير السياسات والممارسات، وهو ما يضمن تكيف إطار الحوكمة مع المتغيرات.
أهمية حوكمة الموارد البشرية:
تلعب حوكمة الموارد البشرية دورًا بارزًا في نجاح المؤسسات، إذ تحقق مجموعة من الفوائد التي تضمن تمكين المؤسسات من بناء ثقافة ترتكز على التميز وتلبي احتياجات القوى العاملة الحالية، تشمل تلك الفوائد ما يلي:
1- تحقيق المواءمة الاستراتيجية
تقوم حوكمة الموارد البشرية بدور مهم في تحقيق المواءمة الاستراتيجية بين ممارسات الموارد البشرية والأهداف العامة للمؤسسة، لأنها تضمن توجيه ممارسات الموارد البشرية بما يتوافق مع استراتيجية المؤسسة، وبالتالي يصبح كل موظف شريكًا أساسيًا في تحقيق تلك الأهداف وليس مجرد عنصر منفذ فقط، ومن خلال هذا التوافق تستخدم المؤسسة قوتها العاملة كأصل استراتيجي، فتزداد معدلات الإنتاجية والابتكار، وتقل معدلات الدوران الوظيفي والتغيب عن العمل وتكاليف الأداء الضعيف.
2- الحد من المخاطر
تساهم حوكمة الموارد البشرية في حماية المؤسسة من مجموعة متنوعة من المخاطر، لأنها تتضمن تحديد المخاطر القانونية والمالية والإدارية وتقييمها والتخفيف من آثارها، مما يعزز من قدرة المؤسسة على حماية نفسها من الخسائر المالية والأضرار لسمعتها والمشكلات القانونية.
3- إرساء القيم الأخلاقية داخل المؤسسة
من خلال حوكمة الموارد البشرية، تتمكن المؤسسة من إرساء القيم الأخلاقية بين موظفيها وفي عملياتها، لأنها تضمن العمل ضمن إطار من التشريعات والمعايير الأخلاقية، مما يساعد في ترسيخ ثقافة النزاهة والشفافية، وحماية المؤسسة من العقوبات، فتزداد ثقة الموظفين وأصحاب المصلحة بها.
4- تعزيز الكفاءة التشغيلية
توفر حوكمة الموارد البشرية إطارًا منظمًا تعتمد عليه المؤسسات في تطوير السياسات وتنفيذها والالتزام بها، مما يؤدي إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية من خلال تبسيط العمليات وتقليل الأعباء الإدارية، والحد من الأخطاء، مع الاستجابة السريعة لاحتياجات الموظفين المتغيرة.
5- تحسين عمليات التوظيف والاختيار
تساهم حوكمة الموارد البشرية الفعالة في تحسين عمليات التوظيف والاختيار داخل المؤسسة، لأنها تضمن تنفيذ تلك العمليات بشفافية وموضوعية، فيتم الاختيار بناءً على الكفاءة والجدارة دون تحيز، وهو ما يوفر تجربة إيجابية للمرشحين ويعزز من سمعة المؤسسة وصورتها في السوق.
6- تعزيز مشاركة الموظفين والاحتفاظ بهم
تستفيد المؤسسات من حوكمة الموارد البشرية في تعزيز مشاركة الموظفين وزيادة قدرتها على الاحتفاظ بهم، لأنها تضمن تلقيهم معاملة عادلة، وتزويدهم بالأدوات والموارد اللازمة لأداء عملهم بكفاءة، ومن خلالها تبرهن المؤسسة لموظفيها حرصها على الاستثمار في تدريبهم وتطويرهم ليصبحوا أكثر قيمة بالنسبة لها، مما يخلق شعورًا بالتقدير لدى الموظفين يعزز من مشاركتهم ويجعلهم أكثر ولاءً للمؤسسة وأكثر استعدادًا للمساهمة في نجاحها.
كوّن فريق الموارد البشرية المحترف مع صبّار
إذا كنت تسعى لتوظيف فريق موارد بشرية محترف يحدث الفارق في شركتك ويساعدك على الارتقاء بها؛ فإن صبّار المنصة الرائدة للتوظيف في المملكة العربية السعودية هي خيارك الأمثل.
توفر لك صبّار متخصصين موارد بشرية بخبرة عالية، يمتلكون المهارات التي تبحث عنها لدعم رؤيتك التنظيمية وإدارة المواهب وتحقيق الامتثال، وبناء استراتيجيات تنظيمية متقدمة، كل ما عليك هو التواصل معنا ونشر إعلانك الوظيفي، وانتظر قائمة بأسماء أفضل المرشحين من السعوديين والأجانب، المؤهلين للعمل وفقًا لشروط عملك، بدوام كامل أو جزئي، من المقر أو عن بُعد.

الخاتمة:
تشير حوكمة الموارد البشرية إلى الإطار الذي يُنظِّم كيفية إدارة رأس المال البشري داخل المؤسسات، ويشمل السياسات، والإجراءات، والهياكل التي تضمن العدالة، والشفافية، والامتثال القانوني، مع التركيز على مبادئ الأخلاقيات والمساءلة.
وتُعدّ هذه الحوكمة أداة استراتيجية تضمن توافق ممارسات الموارد البشرية مع أهداف المؤسسة، من خلال إدارة الكفاءات بفعالية، وتقليل المخاطر، وتأسيس ثقافة تنظيمية قائمة على النزاهة والثقة. ويتكوّن هذا الإطار من عنصرين متكاملين: استراتيجي يُركّز على مواءمة الموارد البشرية مع أهداف المؤسسة طويلة المدى، وتشغيلي يهتم بتنفيذ السياسات بكفاءة وعدالة.
تكمُن أهمية حوكمة الموارد البشرية في قدرتها على تعزيز الأداء المؤسسي، من خلال تحسين عمليات التوظيف، وزيادة اندماج الموظفين وولائهم، وتخفيض معدلات الدوران الوظيفي. كما تلعب دورًا حاسمًا في بناء بيئة عمل أخلاقية، آمنة، وشاملة، تدعم التنوع وتلتزم بالقوانين.
ومن خلال أدوات التحليل ومراقبة الأداء، تضمن الحوكمة تحسينًا مستمرًا للعمليات وتطويرًا دائمًا للسياسات. المؤسسات التي تطبّق حوكمة موارد بشرية قوية تكون أكثر مرونة في مواجهة التحديات، وأكثر قدرة على جذب الكفاءات، وتحقيق نتائج مستدامة في سوق العمل.